الخميس، 23 فبراير 2012

قلب المريض


انظر إلى الصورة، دقق فيها وتفكر، تفكر في تلك الابتسامة، تفكر في ذلك الجسد النحيل، تفكر في ملامحهم وتعبيرات وجوههم، تفكر بدقة وبحرص.
أتدري من هم ؟ أتدري من هؤلاء في الصورة ؟
إنهم أصحاب أطهر القلوب، أصحاب أصدق ابتسامة وأطيب النفوس وأجمل الملامح.
هؤلاء الذين في الصورة ليسا بطفلين، كلا كلا، هذين شابين في الثالثة والعشرين من العمر، ولكنهم مرضى، مرضى بداء الفشل الكلوي اللعين.
ولكن الله من رحمته، عوضهم بما هو أعظم من الصحة، عوضهم بقلب طاهر ونفس طيبة.
إنهم لا يرتدون مثلنا، ولا يمارسون حياتهم مثلنا، ولكنهم راضون...
إي والله راضون! راضون بالمرض بينما نحن لسنا راضون بالصحة، راضون بحياتهم بينما نحن ساخطون على حياتنا، راضون ولا يشتكون، لأنهم جُبلوا على اليقين، على اليقين بأن كل شيءٍ بيد الله، وأن الله لا يؤذي عبده أبداً ولا يريد له أي مكروه، ولكنها لحكمة.
والله إني لاستعجب، بل ولأخجل منهم، هؤلاء الذين كرمهم الله، فجعل زائرهم ،ولو لدقائق، تستغفر له الملائكة طوال النهار أو الليل، هؤلاء الذين ترعرعوا بقلبٍ صافٍ، لم ينظروا إلىَّ أبداً بعيون الحقد والحسد، لقد بادلوني الابتسامة بالابتسامة، والضحكة بالضحكة، والسؤال بسؤال.
هؤلاء الذين لا تظهر على وجوههم الابتسامة إلا بصدق، ولا الحزن إلا بصدق.
فلتتهموني بالجنون ، ولكني أنحني لهم احتراماً، وأقول –وبلا أدنى مبالغة- أنني قد وجدت الإنسان الذي كان يبحث عنه ديوجين، وجدت القلب الصافي الطاهر الذي خلقه الله، في زمن كثر فيه الحقد والغل وجمود المشاعر وقل فيه العطاء والحب والمودة.
حقاً، إن كل إنسان يحتاج لقلبٍ كقلب المريض حتى تنصلح البشرية.

___________
9/12/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق