"امشي جنب الحيط" "متتكلمش في اللي مالكش فيه" "اهتم بمستقبلك وسيبك من السياسة" "أنت مالك؟!" "متقعدش في الجامع كتير علشان متتخدش" "اطلع من الصلاة على طول علشان أمن الدولة" "أمن الدولة بياكل العيال بالليل (معلش هيّست شوية)".
تعرفون؟، كلما كان يُقال لي تلك الكلمات، وغيرها الكثير، كنت اتسائل "وهل هذا من الإسلام؟"؟!
صدقوني، هذا التساؤل كان يقطع الأحشاء بداخلي، وكلما سألته لشخص وجدته يقول "معلش علشان مستقبلك"، وكأنه سيكون لي مستقبل في ظل حكم فاسد وتعليم "بايظ" وواسطة ومحسوبية ورِشوة.
هل من الإسلام أن أسكت على ظلم حسني لا-مبارك؟ وهل من الإسلام أن أرضى برؤية توريثاً يتم بلا معارضة؟! وهل من الإسلام أن أبارك لمن يجوّع آبائي وإخواني؟ ومن جعلهم عرايا ومرضي وبلا مأوى؟
ستقولون أمن دولة، سأقول إخوان! آه والله! فهؤلاء الرجال كم منهم راحوا وعُذبوا بل وقُتلوا في طرة، كم خسروا من أصدقاء وأموال ودنيا، كله في سبيل عيون هذا الوطن، عملا بحديث سيد المجاهدين –صلى الله عليه وسلم- "خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، هؤلاء عانوا من "أنيل" أنواع الاضطهاد، مرددين قول الشاعر محمد درويش:
واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد.. واحد.. واحد.. أن نكون.. وسنكون
لذلك أقولها بأقصى أنواع الصراحة، لقد كنت أحترم الإخوان أكثر من السلفيين قبل الثورة، وبعد الثورة حين رأيت –أخيراً- تحرك السلفيين في الساحة السياسية صاروا سيان عندي، ولكن عليكم يا إخواني أن تكملوا في طريقكم وألا ترتدوا عنه أبداً.
والله، لا أعلم كيف سأقف أمام المولى –عز وجل- حين يسألني كيف لم أقاوم الفساد في العهد البائد، وكيف لم أشارك في الثورة، هل سيتوب علىّ من تلك الآثام والذنوب؟
ولكنهم أعاهدك ربي، إنني سأطبق وصية نبيك، وسأصون منحتك الرحمانية (الثورة) من السرقة والاستغلال والفشل.
سأبدأ بمقاومة الفساد الذي بداخلي، سأكون مسلماً قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادر على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهد للنفس، منظم للوقت، منظم للشئون، ونافع للغير.
وسأقاوم الفساد الخارجي، وسأسعى في تطبيق شريعتك، سأجاهد بالكلمة في وجه أي ظالم، وسأقف ضد أي مظلمة وضد أي شر.
إن مشكلتنا ليست في وجود الأشرار، ولكن في صمت الأخيار.
رسالةً إلى والديّ، شكراً بحق لحسن تربيتكما لي، ولكنني أعاتبكما بشدة على زرع الخوف في قلبي من خلق الله لا من خالق الخلق، ألومكما على السكوت والرضا بالظلم فقط حتى تنالا اللقمة، وأعلم أن دافعكما هو الخوف عليّ، وأنا أقدر هذا، لكنه ليس مبرراً للسكوت على الظلم.
ألم يقل نبينا –صلى الله عليه وسلم- :"إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منها" ؟
ولكني لن أرتكب هذا الخطأ مرة أخرى، بل سأورث لأبنائي وبناتي صفات الأبطال، وأجعلهم يقاومون الظلم ولو كان على رقابهم ألف سيف، وكم سأكون سعيداً إذا أصبحوا أسياداً للشهداء، "سيد الشهداء حمزة، ورجلٌ قام إلى سلطانٍ جائر فنهاه فقتله".
أيها القارئ الكريم، أتبايعني على تلك الكلمات؟ أتبايعني أن تجعل حياتك لله وتثور في وجه الطغاة؟ أتبايعني على ألا تكون إمعة؟
إذا كانت إجابتك بنعم، فاستمع لأذان الفجر القائل "الصلاة خير من النوم" وانزل إلى الصلاة، لا تقل "وأنا مالي ؟" تجاه مشاكل وطنك، أصلح من نفسك وتفوق في دراستك، قل للظالم يا ظالم ولا تسكت، وفليكن لك بصيرة قبل أن يكون لك بصر.
إنه لحمل ثقيل، ومشوار طويل، أعلم، ولكن إن لم نكن نحن حاملي الهم، فمن سيحمله؟
فأنا عن نفسي، غير مستعد لأن أرى ابني يُسئل في امتحان التاريخ "لماذا فشلت ثورة 25 يناير؟"
________________
30/12/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق