أحمد: ماما، أنا نازل دلوقتي، عايزة حاجة؟
الأم: لا يا حبيبي، ترجع بالسلامة.
بعد عدة ساعات، رجع أحمد، ولكن لم يعد سالماً، رجع في كفن، مع كم اسم تكرر هذا الموقف؟
في ساعة واحدة، مقتل 74 شاب وأكثر من ألف مصاب، الحمد لله، أنجزنا في ساعة واحدة ما أنجزه بشار الأسد في أسبوع.
الطريف أن أبانا القديم حاول قتلنا بشتى الطرق، بتسميمنا وبسحلنا وبتعذيبنا وبقتلنا، ولكننا لا ننتهي، وهذا يشكل مشكلة لأبينا الجديد فهو لا يستطيع التخلص منا، فكلما يقتل واحداً يخرج له 10، فنحن كثيرون.
ما حدث البارحة خطير جداً، فهذه ليست مناوشات عادية بين جمهورين، فهذا لم يحدث في مصر على مدى قرن، إنها خطة محكمة، مؤامرة دُبرت بليل.
دعنا نرى ما حدث منذ إعلان طنطاوي إلغاء الطواري (الساقط أصلاً منذ 20 سبتمبر بقوة الإعلان الدستوري)، أكثر من بنك قد سُرق, حوادث البلطجة زادت, سرقة السيارات, الهجوم على المحلات، قطع الطرق..
وتأتي الأحداث الأخيرة متوجة تلك الأحداث المؤسفة، على أمل ألا يُستبدل التاج بتاج أفخم...
وتأتي هذه الأحداث تزامناً مع استجواب الوزراء في مجلس الشعب وفضحهم على الملأ، وتهديد المجلس بنيته في إلغاء قانوني الرئاسة والأزهر والبت في قضايا الشهداء والحوادث الأخيرة منذ الثورة حتى مجلس الوزراء.
وفي هذه الجلسة، طالب وزير الداخلية بتطبيق قانون الطوارئ من جديد لكي يستطيع إدراة الملف الأمني، وأنا متأكد تماماً أن المشكلة ليست في وجود الطوارئ من عدمها، بل لغياب الإرادة السياسية، فقد انتشر الأمن خلال الانتخابات والاستفتاء وبعد أحداث محمد محمود، أي بعد المظاهرات والضغط الشعبي، وهذا يثبت تواطؤ المجلس، فلو أرادها أمناً سلاماً، لطهر وزارة الداخلية من فلولها، لا تعيين نصف ضباط أمن الدولة في الأمن الوطني (مجرد تسمية جديدة)، ولحاكم الضباط القتلة.
يقول يسري فودة: "لما الداخلية لا بتأمن مظاهرات ولا بتأمن ماتشات ولا بتأمن بنوك ولا بتأمن طرق ولا بتأمن مجلس الشعب ولا بتأمن السياح ولا بتأمن العربيات ولا بتأمن الناس، أمال بتأمن إيه؟
أحب أقول لك يا أ.يسري أنك مخطئ، فالأمن يؤمن مبارك ذهاباً وإياباً، ويؤمن حرمه، ويؤمن بورتو طرة، ويؤمن أسياده القتلة.
وكم استشيط غضباً حين أجد من مازال يقدم العذر تلو العذر للمجلس، كفايانا "أصل وفصل"، طالما لا يستطيع إرادة البلاد فليسلمها لرئيس مدني منتخب, إسلامي أو علماني أو حتى واحد من كهنة رع، فكلما تطول الفترة الانتقالية كلما تغرق مصر في مستنقع المجهول.
ونعود إلى موضوع كارثة البارحة.
كما قلت فهذا من سابع المستحيلات أن تكون مناوشات بين جمهورين، فما معنى أن ينزل جمهور فريق فاز على أقوى الفرق المصرية بثلاثة أهداف لكي يعيثوا في الملعب فساداً؟
ما معنى ألا يتواجد مدير أمن بورسعيد ومحافظها لأول مرة في تاريخ لقائات الأهلي والمصري؟
ما معنى إقامة مباراة أصلاً في وسط تلك الأجواء المحاطة بالقلق؟!
ما معنى أن تكون مديرية بورسعيد تلقت تحذيرات سيادية قبل المباراة بوجود بلطجية ورغم ذلك لم يأخذ بأي احتياطات؟
ما معنى أن يكون هذا قد تكرر أكثر من مرة في الدوري بحدة أقل ورغم ذلك لم يقوموا بعمل حسابهم؟
ما معنى أن يقف الشرطة لحراسة النجيلة؟
ما معنى عدم رد وزير اداخلية على نادر السيد؟
ما معنى تأخير سيارات الإسعاف والمطافئ وإطفاء الأنوار (وهذه مهمة تخص هيئة الاستاد وحدها)؟
ما معنى فتح بوبات النزول لجمهوري المصري والأهلي وغلق أبواب الخروج؟
ما معنى رفض طنطاوي إقالة محافظ ومدير أمن بورسعيد؟
ما معنى تصريحه بوجوب تدخل الشعب المصري في تلك الأحداث؟ (سيناريو إجهاض ثورة رومانيا على ما أظن)
ما معنى إقالة وزير الداخلية عام 97 لمقتل 38 سائحاً في الأقصر، ونقل مدير أمن بورسعيد لديوان عام الوزارة عام 2012 رغم مقتل 74 مصرياً؟
ولقد استشطت غضباً وغلاً حين قال طنطاوي أن تلك الأحداث تحدث في أي مكان في العالم، وعلى الجانب الأخر، يقول جوزيف بلاتر رئيس الفيفا أن ما حدث في بورسعيد يوم أسود في تاريخ كرة القدم وما كان ينبغي أن يحدث من الأساس.
واستشطت أكثر حين تعامل هذا المتخلف مع أرواح 74 شخص وقال سنعطيهم تعويضات!
أي تعويضات يا كلب المخلوع؟ أهذا منطق تتعامل به مع أرواح 74 شخصاً قُتلوا في ساعة !!
إن حرمة دم المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة يا طنطاوي.
"في 1يناير 2011 كان حسني مبارك يهددنا بالفوضى من بعده وفي 1يناير2012خلفاء مبارك يهددوننا بالفوضى من بعدهم.هو نفس السيناريو من قناصة 28يناير إلى موقعة الجمل إلى مسرح البالون إلى السفارة إلى ماسبيرو إلى محمد محمود ومجلس الوزراء.إذا كانوا يريدوننا أن نتمسك ببقائهم خوف الفوضى فهم واهمون وإذا كانوا يريدون أن نرضى بالطوارئ والمحاكمات العسكرية خوف البلطجة فهم واهمون. يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس من مصير إبن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح. لا بديل عن إنتخابات رئاسية مبكرة ومن واجب الجيش بعدها أن يحمي الوطن دون أن يتدخل في العملية السياسية.تحيا الثورة والمجد للشهداء."- د.البلتاجي.
لقد اختار المجلس العسكري طريقةً قذرة في إحياء ذكرى موقعة الجمل، فلنرينه طريقتنا في إحياء ذكرى يوم التنحي.
وأنا أظن أن هناك نوايا خفية وراء هذا العمل المشين، فطنطاوي ليس غبياً لكي يقوم بعمل كهذا دون معرفة عواقبه، أظن أن هناك نوايا أكبر من مجرد إرجاع قانون الطوارئ.
وصدق أستاذي حين قال أن المعركة الحقيقية مع المجلس العسكري ستبدأ مع مجلس الشعب.
وختاماً، الشعب يريد إعدام المشير !
____________
2/2/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق