
في 11 فبراير 2011، حدث ما لم يحلم به أحد، في هذا اليوم تنحى المخلوع، وأنا من كانت أقصى أمانيه أن يُتوفى، لم أتخيل أبداً هذا المنظر، رغم يقيني بأن مثل هذا اليوم سيأتي سيأتي، وبأن الثورة ستقوم ستقوم، ولكن لم أكن أتخيل أنني سأراها.
ولن أخفي لك أنني أبديت استغرابي حين عرفت بتسليمه للسلطة للمجلس العسكري، لعلمي بأنها من المفترض أن تُسلم إلى رئيس مجلس الشعب، فإذا لم يوجد فرئيس المحكمة الدستورية، ولكنني دفنت تلك الحقائق، ورضيت بأن أُخدع في مجلس الكلاب، حتى زالت الغشاوة بعد تقديم المخلوع للمحاكمة، حتى هذا اليوم، كنت مخدوع في المجلس.
ولكي أكون واضحاً، أنا لا أؤمن بمقولة سعد زغلول التي تقول "مفيش فايدة"، ولكن هذه حقيقة ظاهرة، أن الثورة مثل فتاة أحبت شخصاً ادعى حبها واكتشفت أنه لا يحبها أصلاً بل ويخونها مع ساقطة، فحين لامته خطفها وصار يتفنن في تعذيبها، وأهلها يحاولون إنقاذها، فيقاومهم الخائن مقاومة تصل إلى قتلهم.
لقد ظننت أن المشين انقلب على المخلوع وصار حليفاً للثورة، فإذا بالأيام تثبت العكس، والنور يزيل الظلمات تدريجياً، حتى قلتها، وما كنت أتصور أن أنطق بها، ولكنني اضطررت، "يسقط يسقط حكم العسكر"!
نعم، هتفت بها مدوية، نعم هتفت بها موقناً، نعم هتفت بها واعياً وفاهماً، "يسقط يسقط حكم العسكر"، يسقط الحكم الذي استمر لـ60 سنة، يسقط مؤجج الفتن، يسقط قاتل المصريين في مواقع ماسبيرو، مسرح البالون، محمد محمود، مجلس الوزراء ومباراة بورسعيد، يسقط من سجن الثوار بمحاكم عسكرية، من انقلب على استفتاء مارس، من أعدم الأمن، من أعلى الأسعار، من كان ساكتاً على الفساد عقوداً، أجل، قلتها وسأقولها بصدق وحرارة، سأقولها بيقين كما أشهد بوحدانية الإله، "يسقط يسقط حكم العسكر"، يسقط امتداد النظام.
في 11 فبراير 2012، مر عام كامل على تسلم المجلس العسكري السلطات الثلاثة، لا أقول أنه فشل، لأنه لم يحاول أن ينجح أصلاً، فالفاشل هو من سعى للنجاح وفشل، أما هو فقد كان امتداد لنظام مبارك، لم يحاول تحقيق أي هدف من أهداف الثورة إلا بالضغط، اللهم إلا إلغاء التوقيت الصيفي.
وفي 11 فبراير 2012، خرج طلاب دي لا سال مؤيدون لإضراب 11 فبراير، أي نعم لم يحقق الإضراب النجاح المرجو، ولكن خرجنا من هذا اليوم بنتائج جميلة جداً.
ففي هذا اليوم، ظهرت قوة جديدة على الساحة السياسية، إنها قوة الطلبة، فهؤلاء ليسوا عيالاً لا يفقهون ما يجري حولهم، كلا كلا، بل منهم من لم يتجاوز ال16 من عمره يفهم ما لا يفهمه رجل تجاوز ال60 من عمره، والمواطنون الشرفاء خير دليل على ذلك...
ولقد تشرفت بالمشاركة في مسيرة البارحة، فرحت حين وجدت المسيحي يهتف محترقاً قلبه طالباً القصاص للشيخ عماد عفت، وشاركه المسلمون بقلوب مشتعلة طالبون القصاص لمينا دانيال، ولن أبالغ إذا قلت أن أغلب من كانوا في المسيرة المدرسية كانوا مسيحيون.
وهذا ما يجب على المسيحيين فعله، فالمسيحيون طيف أساسي من قوس قزح الوطن، لابد له من التعبير عن رأيه والمشاركة في الحياة العامة، لا أن يبقى متقوقعاً داخل الكنيسة والاهتمام بقضايا دينية بحتة فقط.
أقولها وبمنتهى الصدق، أنا أفخر بأنني لاسالي، وأؤكد أنه رغم مشيي لأكثر من 8 ساعات، فما تعبت الحناجر وما قنتت الأقدام، بل أنا نادم أشد الندم على تركي المسيرة قبل نهايتها، هؤلاء الشباب هم نبتة المستقبل، بهؤلاء تنجح الثورة، بهؤلاء تنجح الثورة.
ونحن جنود الثورة الشباب، نعاهد الله على أن نحافظ على منحته الربانية، وأن نصونها من السرقة والقتل.
والثورة مستمرة.
______
12/2/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق