مساء الجمعة 11 فبراير، كانت البداية بمكالمة هاتفية بين طبيبة شابة من درعا وصديقتها، قالت فيها "مبارك تنحى..عقبال عندنا"، ولأن الاتصالات تحت رقابة الجهاز الأمني، أُخذت الفتاة وعّذبت تعذيباً شديداً، وتم الإفراج عنها، فراح أطفال سوريا يكتبون على حوائطها جملاً مستلهمة من ثورتي مصر وتونس، فقُبض عليهم، فتوجه المئات يتقدمهم أهاليهم يطالبون بالإفراج عنهم، فكان الرصاص، فكانت شرارة الثورة.
فكانت الثورة ضد الفشار، الكافر الفاجر، ثورة ضد من قتل شعبه ولم يطلق رصاصة لتحرير الجولان، ثورة ضد ابن الطاغية حافظ الذي قدم الجولان هدية للصهاينة منذ 67، الذي اجتاح لبنان 76، الذي حارب العراق جنباً إلى جنب مع إيران عام 80، الذي ارتكب مذبحة حماة عام 82.
نظام الفشار، الذي أفقد من المسجونين ما بين 17000-25000، وأي شخص يحمل لطخة من أي فكر معادي لنظامه يُعتقل، وعملية الاعتقال كانت تتم في سرية تامة، حتى أن أهل المعتقل لا يعرفون بخبره إلا بعد ردح من الزمن، وهناك 260 موقع إلكتروني محجوب في سوريا، شهداء جماعة الإخوان يُقدرون بحوالي 40 ألفاً، ويكفي كمثال أخير الطالبة المدرسية طل الملوحي، التي حُكم عليها بالسجن 5 سنوات، بتهمة سخيفة، بتهمة إفشاء معلومات لأمريكا، وهي طالبة لم تتجاوز الـ20 عاماً!
إن عدد قتلاكي يا سوريا 6153 شهيد منذ مارس حتى 3/1/2012، منهم مئات الأطفال والنساء، حتى هؤلاء لم يرحمهم الفاجر، ومازال أولادك يقدمون أرواحهم على طبق من ذهب فداءً لكي يا سوريا، حباً في الشهادة وفيكي.
لقد استبشرت خيراً حين سمعت أن الجامعة "العبرية" شكلت لجنة مراقبين لتبعثها إلى سوريا، ولكن كان الشك مازال يخالجني، فكيف بهذه الجامعة عديمة الفائدة تقوم بخطوة مثل هذه؟، من المؤكد أن هناك شيء.
فإذا بي اقرأ في الجريدة أن 90 شهيداً سقطوا منذ وصول المراقبين، وكل يوم منذ قدوم اللجنة مازال يسقط شهداء، وزال عجبي حين عرفت أن الفريق الدابي، رئيس اللجنة، أودي بحياة 300 ألف شخص في حرب دارفور!، فعينوا سفاحاً لينظر في جرائم نظيره السفاح! ونعم الاختيار...
وفي 12/1/2012، قرأت الخبر الذي فجر القلب بحوراً من دم، فقد تسلم رجل من حمص جثة ابن أخيه الرضيعة، التي لديها فقط 4 أشهر، وقد بدا على جسدها آثار التعذيب الوحشي، فكانت أصغر شهداء الثورة.
هذا النظام حرق المصاحف ودنس المساجد وفجر المآذن، هذا الكافر الفاجر هو عميل إيران وحزب اللات، فإيران تريد بقاءه لأنه هو الذي يسمح لها بالتدخل في الشام.
ومازلت أصر على سخافة ميثاق الأمم المتحدة، لأنه ببساطة تضمن حق الفيتو، حق الفيتو الذي يسمح لدولة واحدة (انتبه دولة واحدة) من الدول الخمسة التي لها حق الفيتو تعطيل قرار أجمع عليه كل أعضاء الأمم المتحدة إذا لم توافق هي عليه!
لقد دخل السوريون الحومة وهم على يقين أن كل هذا سيحدث لهم، فقد خُيروا، إما الحرية وإما العبودية، فاختاروا العبودية، وها هم يدفعون ثمن اختيارهم.
وسيسجل التاريخ بطولة أطفال سوريا، فلم أفتح تقرير أخباري إلا ووجدت أطفالاً كالورود يجاهدون ضد هذا النظام ويقودوا المظاهرات، أحيي أطفالك يا سوريا، فهؤلاء هم من سيتولوا بناءك وترميمك.
أيها السوريون، لقد بقي لكم القليل على الانتصار، فلا تيئسوا واستمروا، نعم لقد باعكم العالم، نعم لقد سقط ألاف القتلي، ولكن الله معكم، وطالما كان الله معكم، فمن عليكم؟!
واستعموا لقوله –عز وجل-: "ألا إن نصر الله قريب"، أجل، والله قريب، قريب قريب، أقرب من المسافة ما بين فجوتي الأنف، ولكن عليكم بالاستمرار والنزول بأعداد أكبر في الشوارع، وجيشكم يكبر ويكبر، وهو الذي سيحقق النصر، جنباً إلى جنب مع الشعب.
وأرجوكم سامحوني، فلو كان على المصريين لرأيتم أفواجاً تأتي لنجدتكم، ولكننا سندعو بمنتهى منتهى الإخلاص لكم، ولن ننساكم، وسندعمكم بكل ما بوسعنا.
والله ما أهذي، والله لتنتصرين يا سوريا، والله لترين أعاجيب الإله في السفاح الفشار، والله إن أحلك لحظات الليل يتعبها فجر بازغ، وتذكري وتيقني بقوله –عز وجل- : "ألا إن نصر الله قريب" "ألا إن نصر الله قريب" "ألا إن نصر الله قريب"!
___________
7/2/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق