الجمعة، 24 فبراير 2012

هموم أمتي



عجيب، عجيب أمر أمة قال عنها رسولها –صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمي"، فتجد رد فعل تلك الأمة تجاه القدس المهودة والسوري المذبوح والصومالي الفقير والأفغانستاني المحتل والباكستاني المضطهد بجملة "وأنا مالي؟!".
عجيب، عجيب أمة أمر شُهد لها من فوق سبع سماوات بأنها خير أمة في قوله تعالة "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر"، فتجدهم لا يأمرون بمعروف، ولا ينهون عن منكر سواء بأيديهم أو بألسنتهم أو حتى قلوبهم، فكانت النتيجة هي الذل والخنوع.
عجيب، عجيب أمر أمة أقامت أعظم حضارة في العالم ونورته بأنوار العلم والعدل والحق والمحبة، حضارة شهد بعظمتها الغربيون قبل المسلمين مثل المؤرخ الأمريكي بريفولت حين قال:"ليس ثمة مظهر واحد من مظاهر الحضارة الاوروبية الا ويعود فيه الفضل للمسلمين بصورة قاطعة" ومثل الطبيب البريطاني روبرت بريفولت حين قال "إن اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﻏﯿﺮت وﺿﻊ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺎدي ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻧﺘﺎج اﻟﺼﻠﺔ اﻟﻮﺛﯿﻘﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻔﻠﻜﯿﯿﻦ واﻟﻜﯿﻤﯿﺎﺋﯿﯿﻦ واﻟﻤﺪارس اﻟﻄﺒﯿﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﺼﻠﺔ أﺛﺮًا ﻣﻦ آﺛﺎر اﻟﺒﻼد اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ، إن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻨﺸﺎط اﻷورﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ اﻟﻤﯿﻼدي ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻔﺎدًا ﻣﻦ ﻋﻠﻮم اﻟﻌﺮب وﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ، وإﻧﻲ ﻗﺪ ﻓﺼَّﻠﺖ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ اﻟﺪور اﻟﺬي ﻟﻌﺒﺘﻪ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻘﻈﺔ اﻷورﺑﯿﺔ؛ ﻷن اﻟﻜﺬب واﻻﻓﺘﺮاء ﻛﺎﻧﺎ ﻗﺪ ﻛﺜﺮا ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺎﺿﺮ، وﻛﺎن اﻟﺘﻔﺼﯿﻞ ﻻ ﺑُﺪَّ ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﯿﻬﻤﺎتجدها تشحذ على أعتاب الدول، طالبة المعونة والرضا، مستسلمين لجور الحكام وإهانتهم، حتى وجدنا سلة قمح العالم، تضطر لإستيراد قمح روسي مسرطن.
عجيب، عجيب أمة أمة قال رسولها "لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى"، فتجد أمتي قد تفرقت لعرقيات ودول وحدود مصطنعة، بل وانقسمت إلى فرق كروية وفنية، مشتعلة بينهم الشحناء والبغضاء، وما موقفنا تجاه القضايا الإسلامية إلا بخير دليل.
عجيب، عجيب حجم أراضينا المحتلة، فلسطين وباكستان وأفغانستان، وحتى دول الإسلام الأخرى، فما لم تكن محتلة حسياً، فهي محتلة فكرياً، كغالبية الدول العربية.
آه يا فلسطين، سبعون عاماً يا أقصى، كم افتقد المؤمنون ريحانك.
"يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها"، قالها الرسول صادقاً، فاستعجب الصحابة الكرام، حتى سأله سائل "ومن قلة نحن يومئد؟"، فرد الرسول قائلاً "لا"!، لا؟، بالطبع لا!، كيف يكون وهننا وضعفنا من قلة ونحن مليار ونصف مسلم!، "بل أنتم يومئد كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، وما الوهن يا رسول الله ؟، "حب الدنيا وكراهية الموت".
أجل، صدق، فالمحب للدنيا الكاره للموت، تجده معمراً لدنياه مهملاً لأخراه، يسعى ويسعى للذات الدنيا، وإن كانت حراماً، ويهمل ويهمل في قصور الأخرة، والنتيجة الطبيعية لكراهية الموت كراهية الجهاد، وأيضاً كراهية الصدع بكلمة الحق في وجه السلطان الجائر، خوفاً من الأذى والبطش.
عجيب، عجيب أمة أمة تسعى لحل مشاكلها بمناهج غربية وشرقية، تاركين كتاباً عظيماً، موجود في كل مكان، في سياراتهم ومكاتبهم وحوائطهم وبيوتهم، بل ومستهونين به ومستسخفين به، يدعون عليه الباطل وأنه قديم هالك، إنه نبض الحياة، منهج الأمة، كتاب الله وسنته، شريعته الغراء، لا يأتيها الباطل لا من وراءها ولا من خلفها.
عجيب، عجيب أمر أمة تضطهد صالحيها وتدع العنان لطالحيها، محاربين لمظاهر التدين بوصمها عاري التخلف والإرهاب، وتدع طالحيها يسبون في دينه عز وجل، غير مبالين بما يُقال حتى في حق الجلالة!، بينما يكون مصير مصلي الفجر ومطلق شعيرات اللحية اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، القفص، مثواه الأخير.
عجيب، غريب، مؤسف، محزن، لا أجد في حصيلتي اللغوية كلمات تصف حال أمتي، ولو أتيت بابن منظور ليصف حال أمتي ما  قدر، فالوضع مؤسف لا جدال، واللسان يعجز عن الكلام.
ولكن هناك أمل، وهناك حل، ولقد مرت الأمة الإسلامية على مر التاريخ بالعديد من المحن، لم تمت أمة الإسلام يوماً، لكنها مريضة، ولكنها لا تموت، وستعود، ستعود قوية كالأسود وستحكم العالم من جديد.
وكيف السبيل إلى ذلك؟
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :"تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وسنتي".

الخميس، 23 فبراير 2012

خواطر حول الراية المصرية


تُعتبر مصر من أولى دول العالم التي اتخذت لنفسها راية، وعلى مر التاريخ ظل العلم يتطور حتى وصل إلى شكله الحالي عام 1984م بألوانه الحمراء والبيضاء والسوداء يرصعه في المنتصف نسر حامل للدرع المصري.
جلست أفكر، لماذا هذا الشكل بالذات للراية المصرية؟ فكل راية في العالم لابد أن تكون معبرة عن ثقافة وتاريخ دولتها، حتى إذا رُؤي العلم، عُرفت دولته.
ولبثت أفكر حتى أُوحي إلى بتفسير لأسباب اختيار هذا الشكل بالذات، تفسير جعلني موقناً بتوفيق الاختيار وتعبيره بحق عن مصرنا العريقة، فاللون الأحمر هو تعبير عن دماء شهدائنا الأبرار، التي سالت دماؤهم على مدار القرون في الحروب والثورات، نيلاً لمرتبة الصادع بالحق في وجه سلطان جائر.
أما الأسود فهو لون القوة والعزة والصلابة، معبراً عن معدن الصمود والإصرار عند المصريين، وقد يكون أيضاً تعبيراً عن انحطاط المكانة.
قد تتسائلون، أين اللون الأبيض؟ لماذا لم تقله بعد الأحمر؟ أقول، أنني قد فعلت هذا قاصداً للكشف عن سر توسط اللون الأبيض بين اللونين الأحمر والأسود.
فعلى مر التاريخ المصري، عانت مصر من استبداد الطغاة والظالمين، فما تحررت منهم إلا بعد سيول دمائهم الطاهرة، إذن فالسر واضح، فقد وُضع اللون الأبيض في المنتصف تعبيراً عن أن الحرية لا تؤتى إلا بالدماء والقوة أو لا تؤتى من الظالمين إلا بسيوف من دم.
فالحرية ما تُنال من الطغاة إلا بالدم، فهو يحمل معنىً نبيلاً، فهل نرضى بسلام دون عزة؟ وهل نرضى بحرية منقوصة؟ فها هو النسر ليقول لا، لا أسمح إلا بحرية كاملة، لا حرية صورية، أو سلام مدنس بالخيانة والذل.
فياله من علم بديع، معبر ن تاريخ مسطور بالدماء ي ورق من حرير مرصع بالفيروز، في غلاف فاخر تفوح منه رائحة المسك.
فعلينا أن نكون أهلاً لحمله، لا في المباريات، بل في الصدور والقلوب والعقول، وعلينا ألا ننكسه مرة أخرى، حتى يكون علماً يراه الأجنبي فينحني له احتراماً ويقول "تلك مصر، تلك مصر".

_________
16/2/2012

رسالة ورؤية


عجيب أمر الإنسان، يسير في الدنيا بلا هدف منير أو طريق واضح، تجده يسير كمئات الملايين من البشر، همه الوحيد أن يحيا حياة البهائم، يأكل ويشرب وينام، لا رسالة ولا هدفاً إليهما يسعى.
أتعلم يا صديق أن 3% من سكان المعمورة هم من يحققون التغيير في مجرى التاريخ؟ من هذه النسبة يظهر الزعماء والأنبياء والعلماء والدعاة، هؤلاء هم من المصلحون والمحسنون من حياة البشر، هؤلاء من يحققون الرخاء لبني الإنسان وينيرون أوساط المجتمعات بنوري العدل والحق.
ولكن ما سبب هذا الفرق الشاسع بين فئة الـ 3% وفئة الـ 97% من البشر؟
الفرق بين الفئتين أن فئة الـ 3% يحملون درعاً وسيفاً، رسالةً ورؤية قد وضعوا الخطط لتحقيقهما.
فهؤلاء يسيرون في درب واضح المعالم، وبفضلهما، كل المصاعب والعقبات والشدائد تهون أمامهم، فيحققون النصر على كل عسر.
أما الدرع فهو الرسالة، والرسالة هي شيء يعيش به الإنسان طوال عمره، لا يسعى إليها لفترة معينة من الزمان كالرؤية، بل طول الحياة، والرسالة هي النتيجة النهائية المرجوة من العمل، وقد تكون في جوانب عدة، رسالة في الجانب الرياضي ورسالة في الجانب الاجتماعي وأخرى في الجانب الروحاني وأخرى في العلمي وهكذا، ولابد أن تكون محتوية على 3 عناصر، الله ونفسك والأخرين، فلو نسيت الله فأعمالك سراب لا مكان لها في ميزان حسناتك، أما لو نسيت نفسك فسوف تهمل نفسك، أما لو نسيت الأخرين فستكون أنانياً، لا تفكر إلا في مصلحتك الخاصة، وكمثال للرسالة، فقد تكون إرضاء الله بإسعاد نفسي والأخرين.
أما السيف، فهو الرؤية أو الهدف، وهو فعل يتم تحقيقه في فترة معينة من الزمن، وهي تنبثق عن الرسالة، فلو كانت رسالتك هي المذكورة سلفاً، فهدفك قد يكون إنشاء جمعية خيرية مثلاً أو أن تصبح كاتباً ساخراً.
ولأن الله –عز وجل- قد قال عن رسوله –صلى الله عليه وسلم- "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "، فلنأخذه -صلى الله عليه وسلم- كقدوة.
فانظر إليه وهو يعلن بمنتهى الوضوح عن رسالته في الحياة إذ به يقول –صلى الله عليه وسلم- "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، أما رؤيته فقد كانت واضحة وضوح الشمس، حيث يقول عن رؤيته "ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار" وأيضاً "لتفتحن روميا ومدينة هرقل أولاً"، صلى الله عليه وسلم.
نصيحتي لك يا صديق أن تكون دوماً حاملاً للدرع والسيف، للرسالة الرؤية، حتى تسير نحو مستقبلك المشرق بخطى ثابتة ويقين كامل لا يتخلله شك.
_________
15/2/2012


آراب فرانكو


هاللو، هاو آر يو؟ إن ذيث سبجكت وير توكينج أبوت ذا فرانكو آراب لينجوتش.
ما انطباعك بعد قراءة هذه الكلمات؟ من المؤكد أنك تشعر الأن بالاستغراب والتعجب وتجهل معنى ما قرأت، هذه لغة جديدة ابتكرتها تُسمى "آراب فرانكو"، يُستعمل فيها الحروف العربية للتحدث باللغة الإنجليزية، أما معنى ما قرأت باللغة الإنجليزية فهو: Hello, how are you? In this subject we’re talking about the Franco Arab language.
لا أكاد أشك أن لن ترضى التحدث بالإنجليزية بهذه الطريقة، حسناً، لدي سؤال، إذا كنت لا ترضى هذا للغة الأجنبية فلماذا ترضاه للغة العربية؟ لماذا لا ترفع اللغة العربية على الأقل لمصاف تلك اللغة الأجنبية؟!
الفرانكو آراب، هي لغة شبابية شهيرة للغاية، تعتمد على الحروف اللاتينينة للتحدث باللغة العربية، فكر معي للحظة، استخدام حروف أجنبية للتحدث بلغتي الأصلية، غريب، أليس كذلك؟
فمن المعروف أن كل لغة لها حروفها التي تميزها عن غيرها، وإن كانت في حالة اللغات الأوربية، فكل لغة أوربية رغم أنها تستعمل نفس الحروف إلا بعض حروف كل لغة لها شكل يختلف عن شكل حروف اللغات الأخرى مما يعطيها التميز.
موقفي الخاص من الفرانكو آراب هي المعاداة التامة، فأنا أعتبرها حركة تغريبية خطيرة للغاية، فأنها تفصل مستخدمها عن لغته الأصليه لغته العربية الأصيلة، مما يؤدي إلى بعده عن القرآن والسنة، مما يؤدي إلى ازدياد تعلقه باللغة الأجنبية وثقافة الدولة الأجنبية.
كما أن الفرانكو آراب تُعتبر إهانة كبيرة جداً للغة القرآن، فلا يصح أبداً أن نرضى بالدونية في لغتنا، ولابد من الاعتزاز بلغتنا العربية الأصيلة، فهي ليست كأي لغة، إنما هي لغة الإسلام وأهل الجنة.
كما أن أهمية اللغة يعود لأنها تشكل حيز ثقافي كبير جداً، فهي من تعيننا على فهم تاريخنا وحضارتنا، كما أن ضعف اللغة يؤدي إلى ضعف التواصل مع أهل اللغة، كما يؤدي أيضاً إلى البعد عن الإسلام، لأن لغة الإسلام هي العربية.
قد تقول لي إن الكتابة بالحروف العربية صعبة لأنني لم أتعود عليها، حسناً، هل حين بدأت بالكتابة على لوحة المفاتيح هل كنت تتقن الكتابة بالحروف الإنجليزية؟ بالطبع لا، فمثل هذه الأشياء لا تأتي إلا بالممارسة والتدرب.
ستقول لي إن كل أصدقائك يستعملونها، دعنا نفترض لو أصدقاؤك كلهم قفزوا من فوق جبل، هل ستقفز معهم؟ هذه ليست حجة أبداً لعدم فعل الصحيح، فالحق لم يكن يوماً حقاً لكثرة عدد متبعيه، بل الحق حق لأنه حق، فقط.
أخي، أنا أدعوك من كل قلبي أن تكف عن استعمال تلك الحروف للتحدث بلغتك، فهذا والله وصمة عار على جبينك، وأتحداك لو رأيت أي أجنبي في العالم يستعمل حروف أجنبية للتحدث بلغته.
كما أدعوك إلى التقليل من استخدام الكلمات الأجنبية في حديثك، فبدلاً من كلمة "زيرو" قل صفر، وهكذا.
ملخص المقالة، عليك بالاعتزاز بلغتك ولا ترضها عنها بديلاً.

________
14/2/2012

أزمة كبار




كثير ما يشتكي من هم في سني مما يواجهونه مع الكبار، من أهالي ومدرسين إلى أخره، فحين ينتقدون صفة معينة في الكبير، يعبس الكبير ويأخذها على أنها إهانة له، فتجد الاتهامات تتنازل عليك كقلة الأدب والفهم وانعدام الاحترام للكبير، ويضيف في النهاية حديث المصطفى –صلى الله عليه وسلم- "ليس منا من لم يوقر كبيرنا", صدق الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-، ولكن هل التوقير يعني التأليه؟
فأنا أفهم أن كوني أوقر شخصاً لا يعني أن أسكت على سوءاته, وعليك أيضاً أن تكمل باقي الحديث، فباقي الحديث يقول "ويعطف على صغيرنا"، فليس له الحق إذن أن يصرخ في وجهي حين أنصحه.
خذ مثلاً قضية التدخين كمثال، ما رد فعل أبيك إذا اكتشف أنك تدخن؟ من المؤكد أنه سيعاقبك بشدة، حسناً، ما رد فعل أبيك إذا رأيته يدخن ورأى على وجهك مظهر الضيق من تصرفه، لم تتحدث فقد أبديت تضايقك؟ مع أنني أعلم أن الحرام حرام على الخلق أجمعين، لا مقصوراً على صغير أوكبير.
وبكل أسف هذه الصفة متأصلة في الشعب المصري، فالكبير لا يُنتقد، لا يخطئ، أحاط بعلوم الأولين والأخرين، أما الصغير فهو جاهل جاهل لا يفهم ولا يفقه في الأمر شيئاً.
لا أنكر على الإطلاق أن الكبير له احترامه وتوقيره وله الكلمة على الصغير ولابد من اتباعها، ولا أنكر أن له خبرة تفوق خبرة الصغير أضعافاً مضاعفة، ولكن هذه ليست حجة لعدم قبوله النصيحة والنقد من الصغير في الأمور التي هو أدرى بها، وخصوصاً لو كان الصغير قد حدثه بأسلوب مناسب لمكانته وسنه.
هذه العقلية ما هي إلا عقلية الجهلة، أو بمعنى أصح المواطنين الشرفاء.
فكيف يجرؤ عيال لم يبلغوا الخامسة والعشرين من عمرهم أن يخرجوا متصدين لفساد شخص طاعن في السن؟، في عقليتهم، هذا لا يجوز!
حجتهم أن المخلوع رجل طاعن في السن، وقد قاد القوات الجوية في الحرب، فلا يصح أبداً انتقاده، عيب، فهو في سن والدك، أسف، أقصد جدك.
"بعد ما قعد 30 سنة يخدم البلد تخونوه يا أندال"، وكأنني من اخترت أن يحكمني لـ30 عاماً، وكأن الإنتخابات لم تكن تُزور، وكأن عصره كان مفعماً بالحرية والرخاء الاقتصادي والعزة والأمن!
عموماً هذا ليس موضوعنا، لكنه قريب مما ذكرت، المواطنون الشرفاء.
بصراحة، لقد مللت من ذكر مساوئ المجلس العسكري، ومن أراد أن يعرفها فليراجع مقالاتي السابقة، ولكنني سأذكر بعض الدلائل التي تدل على عقلية المصريين الشرفاء.
سميرة إبراهيم، ثائرة مصرية، قُبض عليها وقادوها إلى سجن، في السجن جردوا ملابسها لكي يكشفوا عن عذريتها!
فحين رفعت المظلومة قضية، راح المواطنون الشرفاء ينهشون في عرضها نهشاً! فكيف تجرؤ تلك الفتاة على أن ترفع قضية على جندي قد خلع ثيابها؟! أنسيتي أنه من جيش مصر العظيم ؟!
وهناك أيضاً حادثة فتاة التحرير، التي سُحلت في الشارع، وضُربت بالأحذية على وجهها، حتى وصل الأمر إلى تعريتها!، فإذا بأشراف مصر ينطلقون دفاعاً، عن الفتاة؟ أبداً!، بل عن من عرّاها!
"إيه اللي نزلها من بيتها؟" "قعدت تستفز العسكري" "ديه أصلاً قليلة الأدب [كلمة قليلة لما ذُكر حقيقةً]" "الصور ديه أصلاً فوتوشوب"!
خلاصة الموضوع، الكبير إنسان كالصغير تماماً، وما من معصوم إلا الأنبياء، فليس عيباً أبداً أن يخطئ الكبير ويصحح له الصغير في خطأه، إنما العيب أن يصر الكبير على خطأه ولا يرضى نصيحة الصغير.
أخشى يوماً أصير فيه كالكبير، لا أقبل فيه نصيحة من ولدي، ربي، رجاءً لا تبلغني أبداً هذا اليوم...

____________
13/2/2012



11 فبراير


في 11 فبراير 2011، حدث ما لم يحلم به أحد، في هذا اليوم تنحى المخلوع، وأنا من كانت أقصى أمانيه أن يُتوفى، لم أتخيل أبداً هذا المنظر، رغم يقيني بأن مثل هذا اليوم سيأتي سيأتي، وبأن الثورة ستقوم ستقوم، ولكن لم أكن أتخيل أنني سأراها.
ولن أخفي لك أنني أبديت استغرابي حين عرفت بتسليمه للسلطة للمجلس العسكري، لعلمي بأنها من المفترض أن تُسلم إلى رئيس مجلس الشعب، فإذا لم يوجد فرئيس المحكمة الدستورية، ولكنني دفنت تلك الحقائق، ورضيت بأن أُخدع في مجلس الكلاب، حتى زالت الغشاوة بعد تقديم المخلوع للمحاكمة، حتى هذا اليوم، كنت مخدوع في المجلس.
ولكي أكون واضحاً، أنا لا أؤمن بمقولة سعد زغلول التي تقول "مفيش فايدة"، ولكن هذه حقيقة ظاهرة، أن الثورة مثل فتاة أحبت شخصاً ادعى حبها واكتشفت أنه لا يحبها أصلاً بل ويخونها مع ساقطة، فحين لامته خطفها وصار يتفنن في تعذيبها، وأهلها يحاولون إنقاذها، فيقاومهم الخائن مقاومة تصل إلى قتلهم.
لقد ظننت أن المشين انقلب على المخلوع وصار حليفاً للثورة، فإذا بالأيام تثبت العكس، والنور يزيل الظلمات تدريجياً، حتى قلتها، وما كنت أتصور أن أنطق بها، ولكنني اضطررت، "يسقط يسقط حكم العسكر"!
نعم، هتفت بها مدوية، نعم هتفت بها موقناً، نعم هتفت بها واعياً وفاهماً، "يسقط يسقط حكم العسكر"، يسقط الحكم الذي استمر لـ60 سنة، يسقط مؤجج الفتن، يسقط قاتل المصريين في مواقع ماسبيرو، مسرح البالون، محمد محمود، مجلس الوزراء ومباراة بورسعيد، يسقط من سجن الثوار بمحاكم عسكرية، من انقلب على استفتاء مارس، من أعدم الأمن، من أعلى الأسعار، من كان ساكتاً على الفساد عقوداً، أجل، قلتها وسأقولها بصدق وحرارة، سأقولها بيقين كما أشهد بوحدانية الإله، "يسقط يسقط حكم العسكر"، يسقط امتداد النظام.
في 11 فبراير 2012، مر عام كامل على تسلم المجلس العسكري السلطات الثلاثة، لا أقول أنه فشل، لأنه لم يحاول أن ينجح أصلاً، فالفاشل هو من سعى للنجاح وفشل، أما هو فقد كان امتداد لنظام مبارك، لم يحاول تحقيق أي هدف من أهداف الثورة إلا بالضغط، اللهم إلا إلغاء التوقيت الصيفي.
وفي 11 فبراير 2012، خرج طلاب دي لا سال مؤيدون لإضراب 11 فبراير، أي نعم لم يحقق الإضراب النجاح المرجو، ولكن خرجنا من هذا اليوم بنتائج جميلة جداً.
ففي هذا اليوم، ظهرت قوة جديدة على الساحة السياسية، إنها قوة الطلبة، فهؤلاء ليسوا عيالاً لا يفقهون ما يجري حولهم، كلا كلا، بل منهم من لم يتجاوز ال16 من عمره يفهم ما لا يفهمه رجل تجاوز ال60 من عمره، والمواطنون الشرفاء خير دليل على ذلك...
ولقد تشرفت بالمشاركة في مسيرة البارحة، فرحت حين وجدت المسيحي يهتف محترقاً قلبه طالباً القصاص للشيخ عماد عفت، وشاركه المسلمون بقلوب مشتعلة طالبون القصاص لمينا دانيال، ولن أبالغ إذا قلت أن أغلب من كانوا في المسيرة المدرسية كانوا مسيحيون.
وهذا ما يجب على المسيحيين فعله، فالمسيحيون طيف أساسي من قوس قزح الوطن، لابد له من التعبير عن رأيه والمشاركة في الحياة العامة، لا أن يبقى متقوقعاً داخل الكنيسة والاهتمام بقضايا دينية بحتة فقط.
أقولها وبمنتهى الصدق، أنا أفخر بأنني لاسالي، وأؤكد أنه رغم مشيي لأكثر من 8 ساعات، فما تعبت الحناجر وما قنتت الأقدام، بل أنا نادم أشد الندم على تركي المسيرة قبل نهايتها، هؤلاء الشباب هم نبتة المستقبل، بهؤلاء تنجح الثورة، بهؤلاء تنجح الثورة.
ونحن جنود الثورة الشباب، نعاهد الله على أن نحافظ على منحته الربانية، وأن نصونها من السرقة والقتل.

والثورة مستمرة.
______
12/2/2012

عملة نادرة


"ابتعد عن الأشخاص الذين يحاولون التقليل من طموحاتك بينما الناس العظماء هم الذين يشعرونك أنك باستطاعتك أن تصبح واحداً منهم" – د.إبراهيم الفقي.
النجاح، تلك الكلمة التي تتلألأ في أذهان الجميع، تخيلها يسير، وتنفيذها عسير.
فطريق النجاح ليس ممهد مزين بالزهور، بل هو طريق شائك ملئ بالمستنقعات والحفر والجبال والنيران، حتى إذا وصلت لنهاية المطاف، أحسست بقيمة الجائزة، وهذه هي سنة الله في الكون، فالنجاح ليس باباً يُفتح، بل هو سلم يُصعد، وكما يقول سبحانه :"الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ".
أتعلم يا صديقي أن 3% فقط من البشر يخططون لحياتهم، وهذه الفئة هي من يخرج منها القادة والدعاة والعلماء، فهؤلاء هم من يغيرون مجرى التاريخ، وهؤلاء هم معمرون الأرض ومصلحوها، وهؤلاء هم من حققوا الغاية من خلقهم، ألا وهي إعمار الأرض.
ومن يسلك طريق النجاح، يواجه في طريقه ألاف العوائق، فمنهم من يقنت في أول الطريق، ومنهم من يقف في نصف الطريق، وناجحهم يواصل السير حتى يصل لأخر الطريق، طريق النجاح.
وقد كان د.إبراهيم الفقي أسوةً، فقد ذهب الرجل إلى كندا عام 78 وكل من قابلهم أكدوا له أنه من الأفضل أن يعود إلى بلده في أسرع وقت ممكن، فليس هناك أي عمل في كندا، وأنهم لم يجدوا أي عمل، ولكنه تولى عنهم، وفي خلال 48 ساعة من البحث حصل على عرضين للعمل أفضلهما غاسل للأطباق في أحد المطاعم وهو ما كان وبعد ثمان سنوات من الكفاح أصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق هناك، وبعد ذلك أصبح مديراً عاماً لعدة فنادق خمسة نجوم بكندا.
وبعد أن أُغلق الفندق، لم يستسلم، بل كافح في مجال جديد، حتى صار مدرباً عالمياً في التنمية البشرية.
بفضل الله ثم بفضل هذا الرجل، انتُشل الملايين ممن قرأوا كتبه من غمرات اليأس والقنوت والجهل, ومنهم أنا, وكان هذا الرجل له الفضل الأكبر، بعد الله سبحانه وتعالى، بأن أصبح قارئوه ناجحون ومتفوقون في مجالاتهم.
رحم الله د.إبراهيم الفقي وتغمده في رحمته، حقاً، ما أجمل أن يكون المرء غائباً حاضراً عن أن يكون حاضراً غائباً.

_________
10/2/2012

أدب الحوار


نظراً للمهازل التي رأيتها في جلسات "الشعب"، جاءتني تلك الخاطرة بضرورة الكتابة عن هذا الأدب المفتقد لدى كثير منا، ألا وهو أدب الحوار.
فبكل أسف، صار كل من أعتنق فكرة من الأفكار يظن أنه هو الحق وما سواه باطل، فتجد أحدهم يتفوه بكلمات يعتقد فيها الدواء الناجع والحق المبين، وأن أي كلام يخالف كلامه إنما هو من وحي الشياطين.
فلا تستطيع أن تتفوه ببضعة كلمات إلا ووجدت أمثاله يقاطعونك كل حين، لا يدعون لك الفرصة للتحدث، يعلون من أصواتهم، يتهمونك بالسفسطة وقصر التفكير، وربما العمالة، وقد يتطور الأمر إلى السب.
ونظراً لهذه المهزلة الحوارية، شمرت عن ساعدي بقلمي بارزاً لأسطر بضعة سطور في هذا الإطار، عسى أن تُقرئ وتُنتفع بها.
قبل البدء لابد أن نعرف أن اختلاف الناس هو شيء مفروغ منه، فكما يقول الله –عز وجل- "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ..."، فلو شاء الله لجعل لنا نوعاً واحداً من الفكر، ولكنها حكمة الله، فمن الاختلاف إثراء للنقاشات والحوارات والابتكارات والثقافات، كما أنه يفيد التمييز بين الخيّر والشرير.
أما أسباب الاختلاف فهي لأسباب عدة، منها عدم فهم الموضوع من كل جوانبه، فكل شخص يرى الموضوع حسب وجهة نظره والمعلومات المتوفرة لديه، كمثال الفيل والعميان، فحين أمسك كل أعمى من العميان بجزء من الفيل كل منهم صار لديه تصور أخر تماماً عن تصور الأخر، فهذا يراه نحيفاً، والثاني يراه مستديراً، والثاني يراه طويلاً، وهذا الاختلاف هو أيسر أنواع الاختلافات، لأنه يزول بعد النقاش ومعرفة الموضوع من كل جوانبه.
ومن الأسباب الأخرى، سبب التقليد لمجرد التقليد، "بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ"، وهذا كان منتشراً أيام الرسول –صلى الله عليه وسلم-، فكثير منهم علم الحق وتيقن أنه نبي حقيقي، ولكن التعصب والقبلية عمتا أبصارهم.
وهناك أيضاً التعصب للرأي، والحسد للغير على ما آتاه الله من فضله، والحرص على المنافع الخاصة، والانقياد للهوى، واختلاف الثقافات والعقول والأفهام وغيرها من الأسباب.
إذن، فالاختلاف موجود موجود، إذن كيف ندير حواراً متحضراً مثمراً في ظل هذا الاختلاف؟
وللإجابة كتبت هذه المقالة، ولقد عددت لكم أسس الحوار، لتكون 11 أسس، منها يتم الحوار:
1- ـأن تكون علم علمٍ فيما تتناقش فيه: فلا يصح أن تتناقش في موضوع لست تدري عنه إلا القليل، وإلا فتخرج من الحوار خائباً مهزوماً، وليس عيباً أن تعترف بجهلك في مسألة من المسائل.
2- التزام الصدق: فلابد من الاعتماد على الأدلة الدامغة والحقيقية وليس معتمداً على الأكاذيب.
3- إقامة الحجة بمنطق سليم: فلا يصح أن تثبت موقفك إلا بدليل قوي، لا دليل واه.
4- أن يكون الهدف الوصول إلى الحقيقة: أو كما يقول سقراط "أن نتبع البرهان إلى حيث يقودنا"، فلا يصح بعد أن أٌقيمت عليك الحجة أن تستمر في العناد والتكبر على الإعتراف بالخطأ.
5- التواضع والتزام أدب الحديث: فلابد من التواضع وتجنب الغرور والتزام الأسلوب المهذب الخالي من كل ما لا يليق، مهما كان مستوى من تحاوره، وعدم قطع الكلام على من تحاور، بل تنتظر حتى ينتهي من كلامه ثم تتحدث أنت.
6- إعطاء المحاور حقه في التعبير: ولنا في الحوار الذي دار بين الله –عز وجل- وإبليس –لعنه الله- عبرة، فرغم عصيان إبليس وتكبره، إلا أن الله –سبحانه وتعالى- كان يدع له المجال للرد والكلام وقول ما يريد، واقرأوا هذا الحوار في سورة الحجر من آية 28 إلى الآية 42.
7- احترام الرأي الصائب: فمن أصاب يُحترم ويُتبع رأيه، بدون أدنى نوع من العصبية لرأيك الشخصي.
8- تحديد مسألة الحوار: لابد أن يكون الموضوع محدداً مدققاً، وأن تبتعد كل البعد عن التعميم.
9- أن يقوم الحوار على الحقائق الثابتة: فلا يصح بأي حال من الأحوال أن يقول الحوار على إشاعة قد سُمعت مثلاً، فهذا سيكون مضيعة للوقت، بل على حقيقة ثابتة وواقعة بالفعل.
10- ألا يدفعك الاختلاف إلى العداء: فكثير منا يخرج من النقاش وصدره ضيق ممن كان يحاوره، وقد أعجبني فاضل سليمان حين كان يقول أنه يتمنى ممن يتناظرون معاً في نهاية المطاف أن يخرجوا ليأكلوا وجبة معاً.
11- أن يكون نقدك للفكرة وليس لحامل الفكرة: فحامل الفكرة ليس بعدوك، وأنت لا تنتقده هو بل تنتقد الفكرة، فمناقشتك تكون لفكرته لا لشخصه.
تلك هي الـ 11 نقطة ، فهلا طبقناها؟
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

____________
8/2/2012

سوريا..ثورة أطفال


مساء الجمعة 11 فبراير، كانت البداية بمكالمة هاتفية بين طبيبة شابة من درعا وصديقتها، قالت فيها "مبارك تنحى..عقبال عندنا"، ولأن الاتصالات تحت رقابة الجهاز الأمني، أُخذت الفتاة وعّذبت تعذيباً شديداً، وتم الإفراج عنها، فراح أطفال سوريا يكتبون على حوائطها جملاً مستلهمة من ثورتي مصر وتونس، فقُبض عليهم، فتوجه المئات يتقدمهم أهاليهم يطالبون بالإفراج عنهم، فكان الرصاص، فكانت شرارة الثورة.
فكانت الثورة ضد الفشار، الكافر الفاجر، ثورة ضد من قتل شعبه ولم يطلق رصاصة لتحرير الجولان، ثورة ضد ابن الطاغية حافظ الذي قدم الجولان هدية للصهاينة منذ 67، الذي اجتاح لبنان 76، الذي حارب العراق جنباً إلى جنب مع إيران عام 80، الذي ارتكب مذبحة حماة عام 82.
نظام الفشار، الذي أفقد من المسجونين ما بين 17000-25000، وأي شخص يحمل لطخة من أي فكر معادي لنظامه يُعتقل، وعملية الاعتقال كانت تتم في سرية تامة، حتى أن أهل المعتقل لا يعرفون بخبره إلا بعد ردح من الزمن، وهناك 260 موقع إلكتروني محجوب في سوريا، شهداء جماعة الإخوان يُقدرون بحوالي 40 ألفاً، ويكفي كمثال أخير الطالبة المدرسية طل الملوحي، التي حُكم عليها بالسجن 5 سنوات، بتهمة سخيفة، بتهمة إفشاء معلومات لأمريكا، وهي طالبة لم تتجاوز الـ20 عاماً!
إن عدد قتلاكي يا سوريا 6153 شهيد منذ مارس حتى 3/1/2012، منهم مئات الأطفال والنساء، حتى هؤلاء لم يرحمهم الفاجر، ومازال أولادك يقدمون أرواحهم على طبق من ذهب فداءً لكي يا سوريا، حباً في الشهادة وفيكي.
لقد استبشرت خيراً حين سمعت أن الجامعة "العبرية" شكلت لجنة مراقبين لتبعثها إلى سوريا، ولكن كان الشك مازال يخالجني، فكيف بهذه الجامعة عديمة الفائدة تقوم بخطوة مثل هذه؟، من المؤكد أن هناك شيء.
فإذا بي اقرأ في الجريدة أن 90 شهيداً سقطوا منذ وصول المراقبين، وكل يوم منذ قدوم اللجنة مازال يسقط شهداء، وزال عجبي حين عرفت أن الفريق الدابي، رئيس اللجنة، أودي بحياة 300 ألف شخص في حرب دارفور!، فعينوا سفاحاً لينظر في جرائم نظيره السفاح! ونعم الاختيار...
وفي 12/1/2012، قرأت الخبر الذي فجر القلب بحوراً من دم، فقد تسلم رجل من حمص جثة ابن أخيه الرضيعة، التي لديها فقط 4 أشهر، وقد بدا على جسدها آثار التعذيب الوحشي، فكانت أصغر شهداء الثورة.
هذا النظام حرق المصاحف ودنس المساجد وفجر المآذن، هذا الكافر الفاجر هو عميل إيران وحزب اللات، فإيران تريد بقاءه لأنه هو الذي يسمح لها بالتدخل في الشام.
ومازلت أصر على سخافة ميثاق الأمم المتحدة، لأنه ببساطة تضمن حق الفيتو، حق الفيتو الذي يسمح لدولة واحدة (انتبه دولة واحدة) من الدول الخمسة التي لها حق الفيتو تعطيل قرار أجمع عليه كل أعضاء الأمم المتحدة إذا لم توافق هي عليه!
لقد دخل السوريون الحومة وهم على يقين أن كل هذا سيحدث لهم، فقد خُيروا، إما الحرية وإما العبودية، فاختاروا العبودية، وها هم يدفعون ثمن اختيارهم.
وسيسجل التاريخ بطولة أطفال سوريا، فلم أفتح تقرير أخباري إلا ووجدت أطفالاً كالورود يجاهدون ضد هذا النظام ويقودوا المظاهرات، أحيي أطفالك يا سوريا، فهؤلاء هم من سيتولوا بناءك وترميمك.
أيها السوريون، لقد بقي لكم القليل على الانتصار، فلا تيئسوا واستمروا، نعم لقد باعكم العالم، نعم لقد سقط ألاف القتلي، ولكن الله معكم، وطالما كان الله معكم، فمن عليكم؟!
واستعموا لقوله –عز وجل-: "ألا إن نصر الله قريب"، أجل، والله قريب، قريب قريب، أقرب من المسافة ما بين فجوتي الأنف، ولكن عليكم بالاستمرار والنزول بأعداد أكبر في الشوارع، وجيشكم يكبر ويكبر، وهو الذي سيحقق النصر، جنباً إلى جنب مع الشعب.
وأرجوكم سامحوني، فلو كان على المصريين لرأيتم أفواجاً تأتي لنجدتكم، ولكننا سندعو بمنتهى منتهى الإخلاص لكم، ولن ننساكم، وسندعمكم بكل ما بوسعنا.
والله ما أهذي، والله لتنتصرين يا سوريا، والله لترين أعاجيب الإله في السفاح الفشار، والله إن أحلك لحظات الليل يتعبها فجر بازغ، وتذكري وتيقني بقوله –عز وجل- : "ألا إن نصر الله قريب" "ألا إن نصر الله قريب" "ألا إن نصر الله قريب"!

___________
7/2/2012

معقد وأفتخر


موقف مازال محفوراً في ذهني حتى هذه اللحظة، ففي يوم 28 يناير، وأنا ذاهب إلى صلاة المغرب (الضرب كان على أشده)، رأيت رجلاً كبيراً يتحدث مع رجل أكبر منه، سمعته يقول أن ما يقوم به الشباب هي أعمال فوضوية وهمجية وليس لها فائدة، دخلت معه في الحوار وقلت له أن هؤلاء الشباب نزلوا مطالبين بحقوقك وحقوقهم وليقضوا على الفسد، فسألني: "وأنت مالك؟ أنت النظام أذاك في حاجة؟"، قلت له إن هذا وطني لابد من أن أهتم بمشاكله، فعبس وتولى.
ووجدت كثيراً من أصدقائي، حين يرونني أتحدث في السياسة ومشاكل البلد، يقولون لي "عيش سنك" "ليه عامل في نفسك كده؟" "أنت مالك"، ولُقبت بلقب "معقد".
شيء عجيب، فما أنا بدعاً من الشباب، كل ما أقوم به هو الاقتداء بصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فهذا الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، حواري الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفارس الإسلام، أسلم وكان يبلغ من العمر 15 عاماً.
وهذا سعد بن الوقاص، الصحابي الوحيد الذي فداه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأبيه وأمه يوم أحد، وأول من أراق دماً، أسلم وهو في ال17 من عمره.
وهذا علي بن أبي طالب، الذي أسلم في العاشرة من عمره، ولابد أن نقف هنا وقفة، فعلي -كرم الله وجهه-، في هذا السن الصغير، كان يعي معاني الوحدانية والكفر وأفكار النبوة والرسالة والجنة والنار، والعمل والحياة والموت في سبيل الله.
وهذا زيد بن ثابت، ففي ال13 من عمره، رغم صغر سنه وحجمه، حين سمع بخروج المسلمين إلى بدر للقتال، أعد لبدر العدة، والسيف كان أطول منه! ولكن رفضه الجيش، فعاد زيد حزيناً إلى أمه "النوار بنت مالك"، فقالت له بما أنك تتقن القراءة والكتابة وتحفظ كثيراً من سور القرآن، فلنذهب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنرى كيف نوظف هذه الطاقات في خدمة الإسلام.
فحين أُعجب به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، أمره بتعلم العبرية، فتعلمها في فترة وجيزة، ثم أمره -صلى الله عليه وسلم- بتعلم السريانية، فتعلمها، ثم صار زيد ترجمان الأمة حاضراً في كل اللقائات السياسية الخطيرة كمترجم.
انظر يا صديقي، كيف كان يقدر الرسول -صلى الله عليه وسلم- مواهب الصغار ولا يحقر منهم أبداً، بل بالعكس، فهؤلاء الصغار هم بناء المستقبل، على عكس طريقة تعامل بعض الكبار مع صغارهم الحالمين الموهوبين.
يا بنو جيلي، أنتم أوفر الأجيال خظاً التي مرت على مصر، فلا تلتفتوا لمن يحقر من مواهبكم أبداً، أنتم بناة المستقبل، لكنكم تحتاجون للقيام ب10 أشياء حتى تكونوا الجيل الذي سيبني خير أمة:
1- أقلع عن المعصية فوراً.
2- أعرف دينك.
3- ارتبط بالمسجد.
4- كن متفوقاً.
5- صل رحمك.
6- اختر أصحابك.
7- أعرف واقعك.
8- كن رياضياً.
9- ادع غيرك.
10- نظم وقتك.
إن كان الاهتمام بأمراض أمي جريمة، يُسمى مرتكبها معقداً، فأنا أفتخر بوضع هذا اللقب وساماً على صدري.
يا بنو جيلي، كفايانا تفاهات وسفاهات، كفايانا عصبية لفرق كروية ومطربين، فنحن من سنحمل الراية، وعلينا أن نكون أصحاب عمة عالية كي نكون أكفاء بحملها، حتى نسلم الراية للجيل التالي ومعها دولة متقدمة، نظيفة من الفساد وحديثة.
إنه مشوار صعب، أعلم، ولكن إن لم نكن نحن حاملي الهم، فمن سيحمله؟
والثورة مستمرة.

___________
6/2/2012

بل الثورة هي التي أنقذتنا


رغم الأحداث المؤسفة التي نواجهها كل يوم، رغم غياب الأمن ودمار الاقتصاد والسياحة، ورغم التباطؤ في القصاص ومحاكمة المفسدين، ورغم ورغم (وكل ذلك بسبب المجلس العسكري)، إلا إنني سعيد، ومتفاؤل.
سعيد بقيام ثورة كان لابد منها للقضاء على النظام، فقد نجحت حتى الآن في القضاء على رأس النظام وإزالة حاجز الخوف وعمل إنتخابات نزيهة لأول مرة منذ قرن، ومتفاؤل لأنك أحلك لحظات الليل يتبعها فجر بازغ.
فالثورة كان لابد منها لوقف نزيف الفساد، كانت عملية حتمية ضد حليف إسرائيل الأول في المنطقة، نظام باع أرواح المصريين بثمن بخس زهيد، نظام مزور لإرادة الشعب، أفقر العباد، خنق الحريات، عادى الأديان، سجن الأحرار، قتل الثوار، تخلف بالبلاد، زرع الفتن، نكس الرؤوس، وباع الغاز، وسرق الأموال، ولو كتبت حتى قيام ساعتي ما وصفت إلا جزء ضئيل من مرض متأصل في مصر.
فالنظام البائد، خلف ورائه 30 مليون حالة سرطان، 6 مليون مريض مزمن، 8 مليون فتاة عانس، 42 مليون مواطن تحت خط الفقر، وتريليون و300 مليار جنية ديون، والجدير بالذكر أن ديون مصر في عام 80 كانت 21 مليار دولار!
ولا ننسى تغذية مبارك لشرايين الكيان الصهيوني بالغاز المصري، بثمن بخس جنيهات معدودة، تاركاً الفقراء والمساكين يُدهسون في الطوابير لأن كرامتهم الإنسانية صارت أحط وأخس من كرامة المواطن الصهيوني.
وحسب شهادة الجنزوري، فقد كان هناك حساب في البنك مخصص لصالح الأجيال التي سأتي بعد المخلوع، كان به 85 مليار دولار عام 2008، حتى اكتشف أحدهم الأموال وسرقها!
بالنسبة للداخلية، فقد عانينا طويلاً طويلاً من هذا المسخ، أجل كان هناك أمن، لكنه أمن شكلي، مزيف، فقد عانى المصري من تكبر الشرطي الذي يعتدي عليه لمجرد رفضه لدفع الرشوة، والألاف بل عشرات الألاف قد عانوا من قانون الطوارئ منذ عام 67 حتى 20 سبتمبر (الذي سقط بقوة الإعلان الدستوري)، حتى أن سائقاً للميكروباص يحكي أن كل صباح كان يركب معه شرطي بالمجان ويجبره على أن يشتري له سجائر، وحين قال السائق مرة "لا"، كان جزاؤه قسم الشرطة وبئس المصير.
أين الأمن من كنيسة القديسين، التي ثبت تورط أيدي العادلي فيها ؟ أين الأمن في القصاص لمن قتلوا أمثال خالد سعيد وسيد بلال –رحمهما الله- ؟ أين الأمن وأنت لا تستطيع أن تدلي بصوتك في الإنتخابات بسبب وجود البلطجية على اللجان؟
أجل كان هناك أمن، لكنه كان أمناً مدنساً بالذل تفوح منه روائح عفنة كالواسطة والرشوة والظلم والتكبر.
واليوم، الأمن لا يريد العودة إلا بنفس شروط العهد البائد، ولكن لا، لا وألف لا!
نعم، الشرطي لابد أن تكون له هيبة في النفوس، ولكن تلك الهيبة ليست بإذلال المصري، ولكن بإحترام المواطن والقانون ونفسه.
أما بالنسبة للسياحة، فأحب أن أقدم لكم بعض الأرقام:
مصر تحتل المرتبة 58 عالمياً من بين 124 دولة في مؤشة تنافسية السياحة، بينما تحتل إسبانيا المركز الثاني عالمياً!
مصر تمتلك ثلث الآثار في العالم، بينما إسبانيا تمتلك أقل من 1% من آثار العالم.
في 2011 زار إسبانيا أكثر من 53 مليون سائح، بينما من زاروا مصر من السياح 2010 ما يقرب من 14 مليون سائح.
إسبانيا دخل لها في 2010 62.1 مليار يورو (91.8 مليار دولار)، وفي عام 2010 دخل لمصر 15 مليار دولار.
ولولا الثورة يا سادة، ما كنت لترى النائب الذي تريده أنت تحت تلك القبة، بل لم تكن لتحلم بأن تراه لولا الثورة، لم يكن ليقوم صوتك بعمل أي تغيير لولا الثورة، لم تكن لتنتخب بأمان لولا الثورة.
ولولا الثورة، لكان جمال لا-مبارك صار رئيساً لمصر.
قد تقول أن الثورة لم تغير شيئاً، وأن الأوضاع قد ساءت، صحيح، ولكن هذا ليس بسبب الثورة، إنما بسب حاكم لا يعبر عن الثورة وأهدافها وعن الشعب، بسبب حاكم يُعتبر قطب أساسي من أقطاب الثورة المضادة، كما أن الثورة لم تصل للمؤسسات حتى يُحكم عليها بالنجاح أو الفشل، فلا نستطيع أن نحكم إذا كانت الثورة نجحت أم فشلت.
كما أن كل المشاكل التي نواجهها ليست بسبب الثورة وثوارها، إنما بسبب المجلس العسكري، فهو من بيده السلطتان التنفيذية والقضائية، وكانت بيده التشريعية، رغم ذلك لم يقدم أي حلولاً لمشاكلنا.
وحتى تنجح الثورة، لابد من تسليم السلطة لرئيس مدني منتخب إنتخاباً نزيهاً، إذن فلابد من الانتهاء من الفترة الإنتقالية بسرعة والتعجيل بإنتخابات الرئاسة، فالسياسة ليست للجيش.
والثورة مستمرة.

___________
5/2/2012


ميحكمش!


"يجب اسقاط المجلس العسكري ومسائلته عن كل هذه الجرائم واذا انتظرنا إلى موعد تسليم السلطة المحدد فى يونيو سيقتل نصف الشعب المصري.” – النائب محمد أبو حامد.
حين يقول المجلس العسكري، الذي خالف الاستفتاء الذي نص على رحيله منذ 6 شهور، أنه سيسلم السلطة في يونيو، ليس لدي رد إلا ما قاله الكفار لمسيلمة الكذاب حين عرض عليهم وحيه المضحك، قالوا: "والله، إنك لتعلم إننا لنعلم إنك لكذاب"!
ففي 13 فبراير، صرح بأنه سيسلم السلطة في 6 شهور وأن انتخابات مجلسي الشعب والشروى ستحدث في فترة أقصاها 6 أشهر، وبعد شهر واحد أعلن في الإعلان الدستوري مادة 41 التي تنص على أن إجراءات انتخابات مجلسي الشعب والشورى ستبدأ في خلال 6 شهور (أي مثلما حدث في انتخابات مجلس الشعب الحالي)، وفي البيان 28، قال إن إشاعات تأجيل انتخابات الرئاسة لعام 2012 إشاعة كاذبة، بعد ذلك صرح اللواء العصار أن الدستور سيُكتب قبل الرئاسة مما سيجعل الانتخابات في 2013!
وبعد أحداث محمد محمود، أعلن "المشين" طنطاوي أن انتخابات الرئاسة ستكون في موعد أقصاه شهر يونيو، وبعد ذلك أعلن اللواء الفنجري أن الدستور سيُكتب قبل الرئاسة، وكُذبت تلك التصريحات.
إذن فنحن نعيش في حالة تخبط سياسي خطيرة، فكل عضو من أعضاء المجلس يهذي بقول يختلف عن هذيان الغير، ناسون أن هزل الصغير ليس كهزل الكبير.
كما أن كلما طالت الفترة الانتقالية كلما زادت حدة مرض مصرنا، فاستقرار مصر السياسي والاقتصادي يعتمد على انتهاء الفترة الانتقالية، وفي أحد التقارير الاقتصادية لمؤسسة "موديز"، تم تخفيض قيمتها كدولة قادرة على الاقتراض وسداد الديون، وكان السبب الرئيسي هو ضبابية نقل السلطة، بسبب الأحداث المروعة التي نعانيها، لا يدري المستثمر ما هو مستقبل الدولة سياسياً، فلا يوجد اقتصاد قوي في ظل سلطة عسكرية، هذا بالإضافة طبعاً لمسألة غياب الأمن.
إذن فالنظام الذي نتعامل معه إما نظام متواطؤ وإما نظام غير قادر على أداء عمله بكفاءة، وفي كلا الحالتين أكبر خطأ أن ندعه يستمر، فلو سائق ظل يقود بطريقة سيئة السيارة لمسافة 40 كيلو في طريق مسافته 80 كيلو، فمن الحماقة أن تدعه يكمل القيادة، فما بالك بقيادة دولة في حجم مصر؟!
إذن فما الحل؟
الحل هو تقليص الفترة الانتقالية بإعلان فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة بعد انتخابات الشورى مباشرةً، مما سيجعل لمصر رئيساً جديداً في أول إبريل.
وهذا ليس فرضاً لرأي، بل هذا ما أقره الشعب في استفتاء 19 مارس، مما وضع مصر على الخريطة السياسية الأتية، انتخابات الشعب، ثم الشورى، ثم انتخاب الجمعية التأسيسية على النحو المنصوص عليه في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس، ثم الرئاسة، ثم الانتهاء من وضع الدستور ثم الاستفتاء عليه وإقراره، وهذا ما قاله اللواء ممدوح شاهين بمنتهى الوضوح، ولكن بكل أسف لقد تغير رأيهم.
ولكن ما مصلحة المجلس في أن يوضع الدستور تحت ظله؟
من المؤكد أننا نتذكر وثيقة السلمي، فحسب شهادته، طلب المجلس من السلمي وضع مادتين تجعله يختص دون غيره في النظر في شئونه الخاصة (أي يسلب دور مجلس الشعب)، ويختص أيضاً بالموافقة على أي تشريع يتعلق بالقوات المسلحة، مما يجعل المؤسسة العسكرية دولة داخل الدولة، فهذا مؤشر واضح على أن المجلس العسكري سيعسى لفرض رغباته على اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور.
قد تقول، ولكننا لا نعلم ما هي صلاحيات الرئيس.
الرد هو أنك مخطئ، فصلاحياته محددة في الإعلان الدستوري في مادة 56، وهي نفس المواد التي يستعملها المجلس العسكري كسلطة تنفيذية.
قد تقول أننا سنصنع بتلك الطريقة فرعون جديد، أقول لك لا تقلق، فقد حُكمنا لمدة 10 شهور على يد حليف المخلوع الذي حاول بكل الطرق إجهاض الثورة، ممتلكاً السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ورغم ذلك كثيراً ما تنازل وانصاع لما نريده نحن (بالضغط طبعاً)، كما أن هذا المنطق لا يسري على رئيس جمهورية سيختاره الشعب في انتخابات حرة نزيهة بإذن الله.
ولكن لماذا أنا ضد وضع الدستور قبل الرئاسة؟
ببساطة لأن هذا يعني أن الدستور الموضوع سيكون "متكروت"، فعملية وضع الدستور تحتاج تريث وحنكة وصبر وحوار وجمع آراء، مما يحتاج فترة طويلة، وهذا كله لا يمكن عمله في شهر، مستحيل، ولنفترض أن هذا حدث وأن الشعب قد رفض هذا الدستور، هذا معناه أننا سنضطر لإلغاء انتخابات الرئاسة حتى نضع دستور جديد.
ختاماً، أحب أن أبشركم بأننا سنكون أحراراً بإذن الله، فبعد أحداث بورسعيد، صرت أكثر تفائلاً، لأن أحلك لحظات الليل يكون بعدها فجراً بازغاً، وتوقعوا أحداثاً اسوأ بكثير في الفترة القادمة.
ملحوظة: هذه المقالة هي ملخص لهذا البيان: http://tinyurl.com/78lxkh3

____________
4/2/2012

صدفة ؟!


أحمد: ماما، أنا نازل دلوقتي، عايزة حاجة؟
الأم: لا يا حبيبي، ترجع بالسلامة.
بعد عدة ساعات، رجع أحمد، ولكن لم يعد سالماً، رجع في كفن، مع كم اسم تكرر هذا الموقف؟
في ساعة واحدة، مقتل 74 شاب وأكثر من ألف مصاب، الحمد لله، أنجزنا في ساعة واحدة ما أنجزه بشار الأسد في أسبوع.
الطريف أن أبانا القديم حاول قتلنا بشتى الطرق، بتسميمنا وبسحلنا وبتعذيبنا وبقتلنا، ولكننا لا ننتهي، وهذا يشكل مشكلة لأبينا الجديد فهو لا يستطيع التخلص منا، فكلما يقتل واحداً يخرج له 10، فنحن كثيرون.
ما حدث البارحة خطير جداً، فهذه ليست مناوشات عادية بين جمهورين، فهذا لم يحدث في مصر على مدى قرن، إنها خطة محكمة، مؤامرة دُبرت بليل.
دعنا نرى ما حدث منذ إعلان طنطاوي إلغاء الطواري (الساقط أصلاً منذ 20 سبتمبر بقوة الإعلان الدستوري)، أكثر من بنك قد سُرق, حوادث البلطجة زادت, سرقة السيارات, الهجوم على المحلات، قطع الطرق..
وتأتي الأحداث الأخيرة متوجة تلك الأحداث المؤسفة، على أمل ألا يُستبدل التاج بتاج أفخم...
وتأتي هذه الأحداث تزامناً مع استجواب الوزراء في مجلس الشعب وفضحهم على الملأ، وتهديد المجلس بنيته في إلغاء قانوني الرئاسة والأزهر والبت في قضايا الشهداء والحوادث الأخيرة منذ الثورة حتى مجلس الوزراء.
وفي هذه الجلسة، طالب وزير الداخلية بتطبيق قانون الطوارئ من جديد لكي يستطيع إدراة الملف الأمني، وأنا متأكد تماماً أن المشكلة ليست في وجود الطوارئ من عدمها، بل لغياب الإرادة السياسية، فقد انتشر الأمن خلال الانتخابات والاستفتاء وبعد أحداث محمد محمود، أي بعد المظاهرات والضغط الشعبي، وهذا يثبت تواطؤ المجلس، فلو أرادها أمناً سلاماً، لطهر وزارة الداخلية من فلولها، لا تعيين نصف ضباط أمن الدولة في الأمن الوطني (مجرد تسمية جديدة)، ولحاكم الضباط القتلة.
يقول يسري فودة: "لما الداخلية لا بتأمن مظاهرات ولا بتأمن ماتشات ولا بتأمن بنوك ولا بتأمن طرق ولا بتأمن مجلس الشعب ولا بتأمن السياح ولا بتأمن العربيات ولا بتأمن الناس، أمال بتأمن إيه؟
أحب أقول لك يا أ.يسري أنك مخطئ، فالأمن يؤمن مبارك ذهاباً وإياباً، ويؤمن حرمه، ويؤمن بورتو طرة، ويؤمن أسياده القتلة.
وكم استشيط غضباً حين أجد من مازال يقدم العذر تلو العذر للمجلس، كفايانا "أصل وفصل"، طالما لا يستطيع إرادة البلاد فليسلمها لرئيس مدني منتخب, إسلامي أو علماني أو حتى واحد من كهنة رع، فكلما تطول الفترة الانتقالية كلما تغرق مصر في مستنقع المجهول.
ونعود إلى موضوع كارثة البارحة.
كما قلت فهذا من سابع المستحيلات أن تكون مناوشات بين جمهورين، فما معنى أن ينزل جمهور فريق فاز على أقوى الفرق المصرية بثلاثة أهداف لكي يعيثوا في الملعب فساداً؟
ما معنى ألا يتواجد مدير أمن بورسعيد ومحافظها لأول مرة في تاريخ لقائات الأهلي والمصري؟
ما معنى إقامة مباراة أصلاً في وسط تلك الأجواء المحاطة بالقلق؟!
ما معنى أن تكون مديرية بورسعيد تلقت تحذيرات سيادية قبل المباراة بوجود بلطجية ورغم ذلك لم يأخذ بأي احتياطات؟
ما معنى أن يكون هذا قد تكرر أكثر من مرة في الدوري بحدة أقل ورغم ذلك لم يقوموا بعمل حسابهم؟
ما معنى أن يقف الشرطة لحراسة النجيلة؟
ما معنى عدم رد وزير اداخلية على نادر السيد؟
ما معنى تأخير سيارات الإسعاف والمطافئ وإطفاء الأنوار (وهذه مهمة تخص هيئة الاستاد وحدها)؟
ما معنى فتح بوبات النزول لجمهوري المصري والأهلي وغلق أبواب الخروج؟
ما معنى رفض طنطاوي إقالة محافظ ومدير أمن بورسعيد؟
ما معنى تصريحه بوجوب تدخل الشعب المصري في تلك الأحداث؟ (سيناريو إجهاض ثورة رومانيا على ما أظن)
ما معنى إقالة وزير الداخلية عام 97 لمقتل 38 سائحاً في الأقصر، ونقل مدير أمن بورسعيد لديوان عام الوزارة عام 2012 رغم مقتل 74 مصرياً؟
ولقد استشطت غضباً وغلاً حين قال طنطاوي أن تلك الأحداث تحدث في أي مكان في العالم، وعلى الجانب الأخر، يقول جوزيف بلاتر رئيس الفيفا أن ما حدث في بورسعيد يوم أسود في تاريخ كرة القدم وما كان ينبغي أن يحدث من الأساس.
واستشطت أكثر حين تعامل هذا المتخلف مع أرواح 74 شخص وقال سنعطيهم تعويضات!
أي تعويضات يا كلب المخلوع؟ أهذا منطق تتعامل به مع أرواح 74 شخصاً قُتلوا في ساعة !!
إن حرمة دم المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة يا طنطاوي.
"في 1يناير 2011 كان حسني مبارك يهددنا بالفوضى من بعده وفي 1يناير2012خلفاء مبارك يهددوننا بالفوضى من بعدهم.هو نفس السيناريو من قناصة 28يناير إلى موقعة الجمل إلى مسرح البالون إلى السفارة إلى ماسبيرو إلى محمد محمود ومجلس الوزراء.إذا كانوا يريدوننا أن نتمسك ببقائهم خوف الفوضى فهم واهمون وإذا كانوا يريدون أن نرضى بالطوارئ والمحاكمات العسكرية خوف البلطجة فهم واهمون. يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس من مصير إبن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح. لا بديل عن إنتخابات رئاسية مبكرة ومن واجب الجيش بعدها أن يحمي الوطن دون أن يتدخل في العملية السياسية.تحيا الثورة والمجد للشهداء."- د.البلتاجي.
لقد اختار المجلس العسكري طريقةً قذرة في إحياء ذكرى موقعة الجمل، فلنرينه طريقتنا في إحياء ذكرى يوم التنحي.
وأنا أظن أن هناك نوايا خفية وراء هذا العمل المشين، فطنطاوي ليس غبياً لكي يقوم بعمل كهذا دون معرفة عواقبه، أظن أن هناك نوايا أكبر من مجرد إرجاع قانون الطوارئ.
وصدق أستاذي حين قال أن المعركة الحقيقية مع المجلس العسكري ستبدأ مع مجلس الشعب.
وختاماً، الشعب يريد إعدام المشير !

____________
2/2/2012

أإله مع الله؟


"إننا لا نستغرب شيوع النفاق فى بعض المجتمعات غير الديمقراطية، لكننا نندهش لمدى التردى الذى وصل إليه مستوى ذلك النفاق. وإزاء يأسنا من إمكانية تغيير نظام مثل المفروض على كوريا الشمالية، فقد أصبحنا نتطلع لأن يمارس النفاق بصورة أفضل لا تحتقر عقول الناس إلى تلك الدرجة."-فهمي هويدي.
في الجهة المقابلة من كوكب الأرض، مات ديكتاتور كوريا الشمالية كيم غونغ إل في 17 ديسمبر 2011، بعد أن حكم البلاد منذ 1945م، وبعد وفاته، ووُرثت البلاد لابنه البالغ من العمر 28 عاماً لتكون كوريا قد حُكمت بجد وأب وابن.
وفي يوم 19 ديسمبر، أصدرت وكالة الأنباء المركزية الكورية خبراً يفيد بظهور مئات من الغربان في السماء من حيث لا ندري، وحلقت فوق تمثال الرئيس الجد كيم إل سونغ، في الساعة الخامسة و3 دقائق مساءً (لاحظ الدقة)، وظلت تصدر أصواتاً كما لو كانت تبلغه بالخبر الحزين.
ولأنه إعلام يعشق التأليه، فلم يلبث إلا وبدأ يمجد في الزعيم الكوري الجديد كيم جونج، قائلة بأنه قد أحاط بعلوم الأولين والأخرين في المجال الاستراتيجي، وأنه ينام القليل من الساعات سهراً في خدمة وطنه.
ومن كوريا ننتقل إلى مصر.
كنت أتقرف قبل الثورة (وبعد الثورة) من مجرد مساس القناة الأولى، نظراً لأنني ما فتحته إلا ووجدت خبراً عنه، فهو إما يفتتح جسراً، أو يخطب في إحدي بلدان الواك واك، أو يُعالج في ألمانيا، أو يخرج سالماً غانماً هانئاً من دورة المياه، أو يبعث برسائل تهنئة لرؤساء الدول بمناسبة الأعياد الإسلامية (والصهيونية).
ولعلنا نتذكر إحدي الجرائد الحكومية حين قال بأن اليوم الذي وُلد فيه مبارك هو اليوم الذي وُلدت فيه مصر، ونذكر بالتأكيد الـ99% التي لا يحصل عليها إلا مخلوعنا، وما أسامة سرايا ببعيد، ونكتفي بالأمثلة المذكورة تحسباً لأي تقيؤ.
فإعلام أي دولة ديكتاتورية ما لها دور إلا التسبيح بحمد الزعيم، والتكبير باسمه والتهليل بأخباره.
تتصف الشعوب التي قُهرت لزمن طويل بانتشار الجهل في أوساطها، مما أدى إلى انتشار صفة أخرى، تأليه الحاكم، فالحاكم، وإن كان فرعوناً، لا تُمس ذاته المقدسة بكلمة جرح، فليس كمثله شيء، لا يُحاسب على خطأ وإن كان سيودي بنا إلى التهلكة، يفعل ما يشاء وليس لنا إلا الانصياع لأوامر مولاه، فهو لا ينطق عن الهوى، وهلاكه هو هلاك الأوطان، وارجع معي بالذاكرة لأيام حين كان المخلوع مريضاً، كيف كانت تهول الصحف الحكومية من هذا الخبر.
ولكون الشعب المصري مقهوراً لفترة لا تقل عن قرن ونصف على الأقل من الزمان، فتلك الصفة تجري في دمه وتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، فحين تتحدث عن جلالة الرئيس تجده يقول "عيب، ده قد أبوك"، "أنت ازاي تتكلم عنه كده", "وقت لما كنت في بطن أمك كان هو بيحارب علشانك"، "صاحب الضربة الجوية"، وكأن تلك الإنجازات تشفع له فساده.
وهذا يعيد إلى ذهني خطبة الإمام أبي بكر –رضي الله عنه- حين قال: "أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم" وقال:" أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
هناك فرق شاسع بين السياسي والإنساني، مثل الفرق بين الرجل والمرأة، فالسياسي لا يستعمل إلا عقله، أما الإنساني فلا يستعمل إلا عاطفته، ماذا أقصد؟
سأضرب مثالاً، تخيل أن لديك معلومات مؤكده أنك وأنت تقود سيارتك ستظهر امرأة تدعي الفقر ستوقف سيارتك طلباً لأن تأخذها لمكان معين ولكنها في الحقيقة تريد سرقتك.
لو كنت تفكر بعقلك، ستتجاهلها، أما لو كنت تفكر بعاطفتك، فستعطف عليها لمظهرها الفقير، فستركبها معك، وتُسرق.
لذلك حين ترى المجرم يُحاسب على جرائمه، لا تأخذك الرأفة به، لا تنظر إلى حاله، بل انظر إلى جريمته.
ختاماً، الحاكم (أياً من كان)، غير معصوم، مؤهل للانتقاد، مهما كان سنه أو علمه، فطالما كلامه ليس وحياً يوحى، فكل كلامه قابل للنقد بل والدحض، وبالذات لو كان حاكماً إسلامياً، فكونه إسلامياً يجبره على أن يتقبل النقد مهما كانت قسوته.

______
1/2/2011

أنا المجهول


على كل خطوتين تخطوهما، ستجدني أمامك، طالباً من سيادتكم المعونة والمساعدة، فيكون أمامك 3 اختيارات، أن تقول لي "ربنا يسهلك"، أو تعطيني صدقتي، أو ترمقني بنظرة احتقار وغضب، نظراً لأنني قطعت النكتة التي كنت تقولها لصديقتك، أو لأنك تراني على أنني من جنس غير جنس بني آدم ولا أستحق الحديث مع أمثالكم، فشكلي لا يسمو لمستواك يا سيدي.
فشعري الأشعث ليس كشعرك المدهون بـ"الجيل"، وعيناي التي تلمع أملاً في الصدقة، ليست كعيناك التا تفيضان حقداً واحتقاراً، أنفي ملوث بالمخاط لأنني لا أجد ثمن المنديل، أما شفتاي فيعلوهما التشقق، وأسناني بعضها أصفر، وبعضها أسود، وبعضها غير موجود أساساً، جسدي نحيل من رأسي إلى أخمص قدمي، أما عن ثيابي، فحدث ولا حرج، فثيابي اسوأ من فرو الكلاب، فهم يتدفئون بفروهم، أما أنا، فما تزيدني ثيابي إلا برداً ومرضاً، مقطعة مهلهلة، يكسوها الوسخ والقذارة، أرى على وجهك القرف من رائحتي، معذرةً، فأنا أنام بجانب الكلاب في أحواض القمامة.
أراك تنظر باستغراب إلى ذراعيّ ويدايّ كثيرتا الجروح، تتقرف أن تصافحني أو حتى تمسني، يا سيدي، هذه الجروح هي من جراء الزجاج والمعلبات وحمل الأثقال، سعياً لراتب زهيد، فأسرتي, كما تقول, "على قدها"، أبي قد مات جراء مرض مستعص، أمي، رغم مرضها الشديد، تبيع الليمون على نواصي الشوارع، أما أخوتي، فحالهم يكاد يكون مطابقاً لحالي، فهذا بائع، وهذا نشال، وهذا نصاب، وهذا سارق، وهذا متسول، وهذا بلطجي، وهذا "تباع"، وهذا بائع مخدرات، مقبوض عليه حالياً..
آه صحيح، ولي أخ أخر، لكنه مات، مات بسبب البرودة القارسة التي أهلكت جسده الصغير.
بيتي كان عبارة عن "عشة فراخ" فوق السطوح، ولكن طُردت أنا وأسرتي، ظلماً وعدواناً، لأننا لم ندفع الإيجار، من أين لنا بالإيجار ونحن نجد ثمن "شق" الفول "بالعافية"!
فانتقلنا إلى مكان أخر، لا يكلف ثمناً، لكنه أقذر من عشة الفراخ، ما من مكان غيره، انتقلت للعيش في المقابر، ولكن الحمد لله..
أود أن أحكي لك قصة صغيرة، ولكن كبيرة في معناها، لكي تدرك كم أنا مهمَل، ففي أحد المرات، بعد يوم طويل من لم القمامة، قعدت على الرصيف لأخذ أنفاسي، كنت أمام مقهى من المقاهي، وجدت التلفاز مفتوحاً، حسب ما سمعته، كان اسم البرنامج المذاع "هموم الناس".
استضافوا رجلاً أنيقاً، مرتدياً بدلة فاخرة، ووسيم المنظر، لا تفهمني خطأ، ما شاء الله ما شاء الله.
ظننت أنه سيتحدث عن أمثالي، ظننت أنه تنزل من مكانته ومركزه لينظر لأمثالي، فإذا بالصاعقة تنزل على رأسي، حين سمعته يتحدث عن الشواطئ والسياحة والإسلاميين والحريات وغيرها من الموضوعات البعيدة كل البعد عن واقعي الأليم.
(يضحك استهزاءاً) برنامج اسمه "هموم الناس" ويتحدث عن أشياء لا تُرى إلا في إعلانات الشوارع، أنا ساكن القبور يحدثني عن ماذا سيفعل الإسلاميون في الشواطئ وحق السائحات في ارتداء لباس لم أره ولا أعرفه، يُسمي بالبكيني.
(يتنهد) تسأل عن اسمي؟ أرح نفسك، فلو قلت لك اسمي، فلن تستطيع حفظه، لأن لي الكثير من الأسماء، لي اسم على رصيف جامعة الدول، ولي اسم في التحرير، واسم على الكورنيش، واسم في المقابر، وأسماء عديدة أمام الجوامع، فاسمائي كثيرة كهمومي.
يكفي يا سيدي أن تعرف أنني أنا المجهول المهمَل في بلادي.
......
ولهذا، قامت ثورة شعارها "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، فمتي الفجر لهؤلاء؟

_____________
31/1/2012

على عربية الفول


يصحى على الفجر ويقوم للصلاة، بعد الصلاة مبينامش زي ناس كتير، لأ، بيبدأ يسعى على رزقه، يروح يشتري العيش والخضار ، وبعدين يروح يفتح الباب، ويطلع عربيته، لونها أحمر زي معظم العربيات، مكتوب عليها الجمل الشهيرة اللي بتتكلم عن الرزق، ومكتوب عليها الإخلاص والمعوذتين، زي أي عربية.
خارج بالعربية مع الصبي بتاعه وهو بيقول بسملة, بعد ما يرسى في مكانه المعتاد، يبدأ يجهز، يلبس المريلة، ويبدأ يسخن قدرة الفول، ويجهز الطحينة والسلطة، وبيجهز الترابيزة ويفرش الملاية ويرص الكراسي ويجهز الأطباق.
الرجل بيعتبره زي أي مطعم، لكن شايفه أجمل من أي مطعم 5 نجوم، لأن أجمل ما فيه بساطته.
من الصبح لحد صلاة الظهر، كل أشكال الخلق بتعدي عليه، من لابسين بدل لطلبة بلبس المدارس، لشيوخ بجلابية ودقن بتلمع من بياضها، للي لابسين ميري ومجموعات من الصحاب اللي بيتلموا على أكلة.
كل واحد بقى ومزاجه، فول بطحينة أو بخضار أو بالزيت الحار، فول سندوتشات أو تغميس، واقف أو قاعد، زي ما يحب، مفيش قيود أو شروط في عربية الفول، بس هو شرط، أنك تدفع، نفذت الشرط تاكل بقى زي ما تاكل.
على عربية الفول، مفيش فروقات بين الناس، الصاحب والغريب بيتجمع على أكلة واحدة، متعرفش اللي بياكل ده ملته ولا مركزه إيه، على عربية الفول، الكبير ميتقدمش على صغير جه قبليه، على عربية الفول، تسمع حوارات من كل الأنواع، والأغلب بيبقى رياضي وسياسي، على عربية الفول، بتتعرف على صحاب جداد، وبتاكل وبتتكلم معاهم.
في نهاية المطاف، بعد نهاية الموارد، وبعد أذان الظهر، الرجل يبدأ يعد في رزقه وعلى وشه ابتسامة رضا، يبوس الفلوس ولا كأنها بنته، ويرفع إيديه للسماء، بيشكر الرزاق على رزقه، يرجع العربية مكانها، يصلي، يروح لبيته بيفكر في اليوم الجديد وقلبه مليان تفاؤل وطموح.

___________
30/1/2012

اقرأ


قوم كانت أقصى أمال الواحد منهم أن يمتلك غنم وجمال، بل وكانوا يفتخرون بجهلهم ويعتبرون العلم عيباًّ!
ثم يتنزل الوحي التي تنزل على أولئك القوم تتضمن كلمات غريبة على ثقافتهم، "اقرأ"، "علم" و"قلم"، بل وإن تدبرت الآية الأولى ستجد أن كلمة "اقرأ" جاءت بلا مفعول به، بلا شيء محدد للقراءة، والآية الثانية تتحدث عن أصل الإنسان، قضية ما كان يبالي بها أحد من العرب، حتى يتدبروا أصلهم.
تصور، حين ينظر الله، العظيم الجبار القهار المتكبر، إلى تلك الخليقة التافهة، بني الإنسان، التي تُعد أصغر من الذرة في ذلك الكون الفسيح، ليكرمنا نحن البشر، بكلمات تُتلى إلى يوم القيامة، يبدأ تلك الكلمات بأمر من أعظم أوامره، "اقرأ"، حقاً، إنه هو الرحمن الرحيم.
إذن، بناءً على ذلك، فالتعلم ليس ترفاً ورفاهية، إنه أمر من ذي الجلال والإكرام.
تخيل إذن خطورة تلك القضية، قضية حين وجدت من يتمسك ويجاهد تحت رايتها غيرت مجرى التاريخ وحولته تحويلاً.
شيء غريب، تحدث صديقك وتسأله "ما هواياتك؟"، فيرد ويقول "والله هواياتي هي السباحة والرسم والقراءة.."، لحظة واحدة، من كذب عليك وقال أن القراءة هواية؟ هذه كذبة كبرى الله أعلم كيف غزت العقول، إنما القراءة نشاط أساسي، إنما هي غذاء العقل الأساسي.
يقول "جراهام جرين" :"أحياناً أفكر أن حياة الفرد تشكلت بواسطة الكتب أكثر مما ساهم البشر أنفسهم في تشكيل هذه الحياة".
وهناك العديد من الأمثلة من اهتمام السلف بالقراءة، ويكفي كمثال أن أذكر لكم أن مكتبة العزيز الفاطمي كانت تحتوي على مليون و600 ألف كتاب!
أما أهمية الكتاب، فهو كما يقول الأمير أحمد شوقي:
صاحِبٌ إِنْ عِبتَهُ أَو لَم تَعِبْ"
"لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا
كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني"
"وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا
صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً"
"وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا
إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد"
"مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اقتِضابا
فهو الصديق الذي لا يمل منك أو تمل منك، دائماً بانتظارك لخدمتك ويدعوك دائماً لمدارسة العلوم المختلفة، دائم العطاء لا يبخل عليك أبداً بالجديد من المعلومات.
وبكل أسف، نحرم أنفسنا من هذا الخير، لأسباب كثيرة ساذجة، مثل عدم تنظيم الوقت (وليس عدم وجوده)، عدم اعتياد شغل الفراغ بالقراءة، عدم الاهتمام به والاهتمام بالأمور الساذجة ككرة القدم وأخبار الفنانين.
كما أنه هناك عقبة نفسية خطيرة تحول بين الشاب والكتاب، عقبة "أصلي مبحبش القراءة"!
وهذا يعود لعدة أسباب، أولها المدرسة، فنحن في المدرسة مجبرون على تعلم علوم ربما يكون منها ما نكرهه، فأنا مثلاً لا أحب الكيمياء، وغيري لا يحب الجغرافيا، وهذا قد يكون سبباً وجيهاً، ولكن ليس سبباً لهجر القراءة!
أما السبب الثاني فهو نظرة المجتمع، فنحن نرى الغني والفنان والمشهور –وإن كان أجهل من الدابة- هو المتميز والمسيطر، أما المثقف، فهو ممقوت مجهول من المجتمع، ليس له وزن، حتى وإن بلغت ثقافته عنان السماء، وهذا المفهوم سببه الأساسي هو وسائل الإعلام المختلفة من أفلام ومسلسلات وأغاني، التي جعلت من الغني الجاهل سيد والمثقف الفقير عبد!
يا أخي، لماذا لا تحب القراءة؟، وهل من شيء تستعمله في حياتك كانت بدون قراءة وتعلم؟
لو نظرت حولك ستجد الكثير ممن تحبهم وتستفيد منهم ديدان كتب، فما بلغوا ما بلغوا إلا حين صاحبوا الكتاب وأحبوه.
تتمنى أن تصير شخصية كبيرة، سياسي أو مهندس أو شاعر أو كاتب أو طبيب..، لو كنت متخذاً قدوة في إحدى المجالات انظر إليها وتعلم منها، وأتحداك لو كانت قدوتك لم تكن دودة للكتب!
إنها دعوة صادقة من أخ يريد مصلحتك، ابدأ الآن، اقرأ فيما تحب وفقط فيما تحب، ما ينفعك وليس قراءة في مجلات أخبار النجوم والمشاهير، خصص كل يوم نصف ساعة على الأقل للقراءة، انزل المكتبة وابحث عن عنوان مثير لكتاب جميل لكاتب تحبه، لا تجعل كل قراءاتك في الجانب الأدبي والفكاهي والدراسي، بل توسع في شتى مجالات علوم الدين والحياة.
فبداية السيل قطرة، وأصل المدينة حجر، وأصل الإنسان نطفة.
وتذكر أنك ستُسئل يوماً عن شبابك وعمرك فيما أفنيتهما.
ابدأ، اقرأ.

__________
29/1/2012

ماذا بعد؟


جالس على الكرسي بعد الانتهاء من امتحان اللغة العربية، انتهيت مه بعد نصف ساعة فقط (الامتحان ساعتين ونصف)، أحيناً أتأفف وأحياناً أخرى أنام، وأحياناً أقلب صفحات كراسة الإجابة بحثاً عن خطأ (10 مرات يا مؤمن!)، يدخل علينا الرجل عينه 3 مرات ليتحفني بقوله "الإملاء في أخر 20 دقيقة)، الإملاء كان عن الحفاظ على مصر، قطعة إملائية جيدة بالنسبة لطالب في الصف الثاني الابتدائي، دقت ساعة الخروج (على رأي القذافي) وجدت نفسي في حافلة منطلقة إلى المنزل...
بعد الصلاة والحلاقة (نعيماً)، سألت نفسي، ماذا بعد؟
جاءني في خلدي وأنا أجيب على هذا السؤال سؤالين، الأول: ما هي خصائص الوقت؟
الإجابة أن خصائص الوقت هي:
1- أنه أنفس ما يمتلكه الإنسان.
2- أنه مستحيل التعويض.
3- أنه يمر ويمضي بسرعة.
4- لا يعلم مقداره إلا العليم الخبير.
هذا يعني أن الثانية التي تمر بدون عمل مفيد (ذكر الله مثلاً) تضيع هباءً، بناءً على هذا عليّ استغلال كل لحظة، وجاء في خلدي حديثي الرسول –صلى الله عليه وسلم- "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" و حديث "اغتنم خمساً قبل خمس" منهم 3 أشياء لها علاقة مباشرة بالوقت وهم "شبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك".
وعلى رأيك يا د.إبراهيم الفقي حين قلت "عش كل لحظة كأنها أخر لحظة في حياتك، عش بالإيمان، عش بالأمل، عش بالحب، عش بالكفاح، وقدر قيمة الحياة".
هذه إجابة السؤال الأول، أما السؤال الثاني, الذي كانت نتيجة للسؤال الأول, "فما المطلوب مني إذاً؟"
الجميل في الإسلام أنه ليس "ملة"، ليس مجرد طريقة تواصل مع الإله وكيفية الصلاة والصيام، بل هو "دين"، منهج حياة، في شتى المجالات التي تهم الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، المجالات الرياضية والشخصية والاجتماعية والفنية والثقافية والسياسية والاقتصادية..
فإجابة هذا السؤال وجدته في كتاب الرحمن –عز وجل- حين قال: "وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ(56) مَآ أُرِيدُ مِنۡہُم مِّن رِّزۡقٍ۬ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطۡعِمُونِ(57)إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلۡقُوَّةِ ٱلۡمَتِينُ(58)" [سورة الذاريات].
إذن فما خُلقنا إلا للعبادة، ولكن أي عبادة؟ صلاة وصوم وحج فقط؟ هذه جزئيات من العبادة، إنما العبادة أيضاً هي ابتسامتك في وجه أخيك، ممارستك للرياضة وتقوية بدنك، إضحاك أصدقائك، تنمية موهبتك، المذاكرة والدراسة بجدية، بر الوالدين، العمل الخيري، تنمية المواهب..
فكل عمل صالح تفيد به أخاك هو عمل جليل له أجره في الإسلام طالما كانت نيتك موجهة لله.
بعد الإجابة على هذين السؤالين، عرفت ما سأفعله في الاجازة، سأخطط لتنظيم وقتي بأفضل ما يمكن، ولن تفوتني صلاة في مسجد (الذي هو فرض أصلاً) أو ورد قرآني، سأنمي موهبتي، أقرأ وأزيد معلوماتي، أخرج مع أصدقائي، النوم مبكراً والاستيقاظ من صلاة الفجر، وممارسة الرياضة.
لن أضيعه في تفاهات، أو مضايقة خلق الله، أن تضييع وقتي بالسهر والنوم، أو تضييع الصلوات، فلا يصح أن أعود للمدرسة مثلما خرجت منها، بل لابد أن يكون في شيئاً جديداً.
هذا ما استخلصته وأوصيكم أوصي نفسي بتطبيقه، وصدقني، "هتدعيلي".

_______________
28/1/2012

ومازلت الثورة تتنفس


ارجع معي بالذاكرة ليوم 24/1/2011 وتذكر كم الرعب الذي كان في قلوب بعض الناس، تذكر معي التهديد والوعيد الذي طال كل من نوى ارتكاب خطيئة النزول إلى التحرير، لقد كان رعباً ولا كأننا داخلون على كابوس.
بكل أسف، وسائل الإعلام (الحكومية والخاصة) ساهمت بشكل كبير في خلق هذا الرعب، فكلهم كانوا يتكهنون بقلة الأعداد ونزول البلطجية وأحداث شغب وتكرار أحداث ثورة 25 يناير المؤسفة، يكفي كمثال على هذا جريدة الجمهورية 23 ديسمبر حيث كتبت بالبنط العريض "في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، مخطط إحراق مصر، توليفة الفوضى: استفزاز الجيش..سقوط القتلى..إشعال الحرائق، الهدف: جر البلاد لحرب أهلية.. فرض الوصاية الدولية عليها" !!
آه بالمناسبة، أين المخطط الأناركي الذي كان يهدف لحرق مصر الذي قاله مجلسنا العسكري الموقر؟، هل انشغل بعملية أخرى في جزيرة هونولولو مثلاً؟ أم يقاتل مع كتائب الشباب المجاهدين في الصومال؟
لابد أن نعرف كيف كان يسير مخطط العسكر، فقد جعل الشعب يكره الثورة بتطويل الفترة الانتقالية بدون أي مبرر مع غياب الامن وزيادة الفوضى مما أدى إلى التشجيع على الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية كى تزهق الناس اكثر وتحس بالخراب مثل وقفات ميناء دمياط، اختفاء الحاجات الاساسية ورفع الاسعار، الكلام عن اجندات وتمويل خارجى، التأثير على الشعب بوقفات العباسية وغسيل المخ، واساليب أخرى كثيرة كلنا لاحظناها، مع التصريح ببقاء العسكر فى الحكم 6 شهور ثم لـ2012 ثم لـ 2013 ، ثم ضربة قوية للثوار فى احداث محمد محمود من قتل وسحل وجر من الشعر للبنات ورمى الجثث فى الزبالة ، فيخاف الثوار ويهربوا والشعب اصلاً فى اعتقادهم كره الثورة فيسطيروا على الموقف ويستمروا فى الحكم للأبد بأى حجة وحماية مبارك والنظام القديم، لهذا لم يهرب مبارك للخارج لانه يضمن حماية الجيش، لكن الحمد لله فشل مخططهم بتوفيق من الله ثم بصمود الثوار وارواح الشهداء، فبارك الله فى شعب مصر.
وأريدك أن تلقي نظرة على تلك الصورة الجميلة (الملون بالأحمر هو مكان وقوف المتظاهرين):
http://tinyurl.com/7vvewo9

صدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين قال أن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيف يشاء.
لقد أثبت الشعب المصري أن الثورة مازلت حية، ومازالت وستظل مستمرة حتى تطهير البلاد.
ومازال التزييف الإعلامي مستمراً، إذ كيف تحولت المسيرات والهتافات ضد العسكر إلى "احتفالية بعيد الثورة الأول"؟!، حقاً، لا تعليق!
ولكن يهاجم بعض الناس هذه المظاهرات قائلين جملاً مثل "زهقنا من التظاهر" و"المظاهرات وقفت حال البلد"، اسمحوا لي بالرد على هذه الشبهة، في البداية لابد أن نعرف أن ما من مطلب في المطالب الأتية تحقق إلا بالتظاهر، إقالة المحافظين، إلغاء وثيقة السلمي، رحيل أحمد شفيق، محاكمة المخلوع، سقوط أمن الدولة والقبض على أركان النظام والقصاص للشهداء الذي كل مرة يحاولون تهدئتنا بإجرائات ما رأينا منها بصيصاً من النور، فهو من يضطرنا لتلك التظاهرات لأنه يعطينا مطالبنا بـ"قطارة".
أما الأمر الثاني، فأريد أن أعود بك أيها القارئ الكريم إلى وقت بناء مترو الأنفاق، فقد ظل الميدان مغلقاً لسنين، ولم يشتكي الاقتصاد، ومعلوم أن فرنسا بها مظاهرات على مدار 365 يوماً، لو يشكو منها الاقتصاد.
أما الأمر الثالث، فصدقوني، هؤلاء الشباب ليسوا بـ"صيّع"، بل منهم الشيوخ كالشيخ عماد عفت، والأطباء كأحمد حرارة، والطلبة المتفوقين كعلاء عبد الهادي، لقد نزل هؤلاء ليطالبوا بحقك وحقي وحق كل مصري حتى من سحلوهم وضربوهم!
إنما قد نزلوا مطالبة ً بمستقبل أفضل لك ولابنك ولحفيدك!
وبناءً على كل ما سبق، فأنا بانتظاركم بالميدان غداً، لأن المجلس العسكري لم يحقق مطلبنا وهو تعجيل تسليم السلطة، ولكي يعرف أن أصحاب البصيرة ليسوا بقلة، وفي سبيل قول كلمة الحق في وجه سلطان جائر.
والثورة مستمرة.

____________
26/1/2012

لا تراجع ولا استسلام


أهم العناوين في 19/1/2011:
_قتل 9 وإصابة 25 فى حواد ث سير بأسيوط وقنا، إغلاق طريق أسيوط ــ القاهرة الشرقى.
_احتراق 3 منازل فى المنيا والسيول تضرب 3 مدن فى سيناء وتعزل سانت كاترين.
_مواطن يحرق نفسه أمام مجلس الشعب
_تصاعد حركات التمرد ضد وزير التربية والتعليم
_النائب العام يتدخل لمواجهة خطر إنفلونزا الطيور: استدعاء قيادات الخدمات البيطرية عقب تحذير وزارة الصحة من تفشى المرض أكبر تراجع للجنيه فى 6 سنوات: البورصة تصل لأدنى مستوى فى 7 شهور
أهم العناوين بعد عام من الثورة:
_المحكمة تفرج عن سفاح ثوار السويس.. والنيابة تسأنف
_3800 شاب أصيبوا في عيونهم خلال الثورة.. منهم 1800 فقدوا الاثنين.
_حبس أبو دومة 15 يوماً في أحداث مجلس الوزراء.
_السويس غاضبة.
_كتائب القصاص:سنثأر لدماء الشهداء في ذكرى الثورة.
_اتهام صلاح سلطان بمعاداة الصهيونية.
_سحل فتاة وتعريتها في الشارع.
_مقتل الشيخ عماد عفت والطالب علاء عبد الهادي.
"إذا كانت هذه هى الحالة التى وصلنا إليها بعد مرور ما يقرب من عام على قيام الثورة، فأى نوع من المشاعر يمكن أن تطرأ على مصرى متعاطف مع الثورة؟ لا يمكن أن تكون مشاعر ابتهاج تبرر إقامة «احتفالية بالذكرى الأولى للثورة». ولكنى لا أظن أنها من الكآبة بحيث تبرر إقامة «بكائية» فى رثاء الثورة وتأبينها. الصورة الأقرب إلى ذهنى هى صورة مولود جميل مكتمل الصحة، تسلمه من أبيه وأمه (بلا سند أو مبرر واضح) من ادعى أنه سيحميه ويرعاه بالنيابة عن أبويه، ثم ثبت بعد أقل من عام أن له أغراضا أخرى غير حماية الطفل ورعايته. إنه لم يقتل الطفل بعد، ولكن هناك مخاوف لها مبررات قوية من أن هذا هو المقصود." – جلال أمين.
وما يواسيني إلا قول رسولي –صلى الله عليه وسلم "تفاءلوا بالخير تجدوه"
بعد ثورة، أطاحت بنظام ديكتاتوري خائن بوليسي، حكمنا نظام أقدم من النظام البائد، بعد ثورة جمعت بين ألوان الطيف، تفرقنا بسبب المصالح والعصبية، بعد ثورة أشاد بها العالم أجمع، فإذنا بنا يضحك علينا العالم أجمع.
واحزناه! وبعد كل هذا وذاك، يحتفل القاتل بذكرى مقتوله!
وبأي شيء نحتفل؟ أنحتفل بسقوط أكثر من 200 شهيد بعد الثورة، دماؤهم أغلى من الكعبة، وهم شباب كالورد أمثال علاء عبد الهادي طالب كلية الطب والشيخ عماد عفت، أتحتفلون بمحاكمات هزلية لنظام مجرم؟ أم بحق شهيد لم يُسترد؟ أم بفساد مستشرٍ في الشوارع؟ أم باقتصاد خَرِب؟ أم بحكم عسكر؟ أم بإعلام حكومي كذوب، أم بفتاة سُحلت وعُرت؟ أم بمحاكمات عسكرية؟ بأي شيء تحتفلون؟ بخيبتنا؟!
نعم هناك إنجازات، لكن هل هي إنجازات تساوي ما بذله الثوار من جهد ودماء؟، الإجابة: لا.
لكن الثورة ليست السبب، والله لا، لقد آثرت أن ابدأ بمقدمة عن أوضاع مصر قبل الثورة، لأبين أن الخطأ ليس في الثورة، فالثورة لم تصل إلى المؤسسات ليُحكم عليها بالفشل.
الخطأ هو خطأ نظام الثعالب ذو أيدي الأخطبوط! ما حقق الأمن ولا حقق العدل وما آثر إلا هواءً ملوث بدنس الفساد.
الاقتصاد قد تدهور، صحيح، ولكن ليس بسبب الثوار، ولكن ببساطة بسبب ضبابية نقل السلطة وضبابية مستقبل مصر، فأي مستثمر عاقل لن يستثمر في دولة لا تعرف مصيرها إلى أين، أو دولة معرضة لثورة في أي وقت، أو بها أي نوع من الاضطرابات (ملحوظة: البورصة ليست مؤشراً على تقدم الاقتصاد أو تأخره).
السياحية تدهورت، صحيح، ولكن هذا بسبب شرطة لا ترضى العودة إلا بنفس شروط العهد البائد، وهذا لن يحدث إلا على آثار جثثنا.
فسر لي أيها القارئ الكريم، لماذا لم يستتب الأمن إلا بعد أحداث محمد محمود؟ لماذا لم يُقال المحافظون إلا بعد الاحتجاجات ؟ لماذا لم تُلغى وثيقة السلمي ولم يرحل أحمد شفيق أو يُحاكم المخلوع أو يسقط أمن الدولة أو يُقبض على أركان النظام إلا بالضغط والمظاهرات وفقط بالضغط والمظاهرات؟!
ثم يأتي حزب الكنبة العظيم مشتكياً من كثرة المظاهرات "حرام عليكو خربتوا البلد"، أهذا خطأ الثوار؟ أم خطأ من لا يفهم سوى لغة المظاهرات والاحتجاجات ويسير بمبدأ "اخبط دماغك في الحيط" ولا يعطي الحقوق إلا بـ"القطارة"؟
وفرنسا يا سادة بالمناسبة، على مدار 365 يوم في السنة، مظاهرات في مظاهرات، ولم يشكو الاقتصاد الفرنسي أبداً من تلك المظاهرات.
لقد كنت غبياً حين توقعت أن وزير الدفاع في حكومة مبارك قد ينحاز إلى ثورة قامت على سيده، لقد كنا أغبياء حين أخذنا كلب السيد وربيناه في بيوتنا، فإذا هو يقتلنا واحداً تلو الأخر، فهو ليس وفياً إلا للسيد.
وهو يسير على درب السيد، كذب وخداع وبطء ونفاق،فمن المضحكات المبكيات في حادثة سحل الفتاة، أن اللواء عمارة قال أن الحادث حدث وسيتم التحقيق فيه، بينما قال طنطاوي لكارتر أن الحادث مزور والجنود كانوا يحاولون مساعدتها!
نحن لسنا ضد جيشنا الباسل، لا، فهؤلاء إخواننا وأسرتنا وعائلتنا، بل نحن ضد مجلس عسكري حاكم مكون من 19 فرداً فقط، فهو كالحكومة بالنسبة للدولة.
نحن ضد مجلس استعمل جيشاً وصاعقةً، يُفترض أنهم يُعدوا ليوم النزال مع العدو، في سحل المتظاهرات والمتظاهرين السلميين.
ومازالت دماء جنودنا على الحدود رطبة لم تجف، شاهدة على تواطؤ العسكر مع صديقهم الصهيوني، فدماء شعبي رخيصة في سبيل رضاك يا حبيب القلب ومنى العيون.
ويأتي المجلس العسكري، بمنتهى السذاجة، يقول أن هناك طرفاً ثالثاً، لهواً خفياً، يعبث بالبلاد ومقدرات العباد، ولا يستطيع الجيش بكامل أجهزته القبض عليه!
يقول الصحفي عماد الدين حسين في مقاله في جريدة الشروق أنه قابل مسئولاً سابقاً وأقسم بأغلظ الإيمان أن هناك طرفاً ثالثاً بالفعل والحكومة تعرف معظم أفراده، فسأله لماذا لم يُقبض عليهم، قال أن الأمر معقد!
تحقيق العدالة وحفظ الأمن أمر معقد! حصار الفلول أمر معقد! ومعقد على من؟! بالطبع معقد على أصدقاء الفلول، فهؤلاء لا يريدون لأصدقائهم إلا الخير والسلامة.
والجيش والداخلية بكامل أجهزتهما لا يستطيعان القبض على الطرف الثالث، نكتة! ويالها من نكتة "فقيعة"!
وها هو طنطاوي، يأتي ليتصدق علينا ويقول أنني سألغي حالة الطوارئ إلا في حالات البلطجة، الصراحة لن أرد، بل سأترك الرد للنائب عمرو حمزاوي الذي يقول: "اقترحت لبيان المجلس بشأن الغد إعلان رفض قرار المشير إنهاء حالة الطواريء لأن استثناء ما سمي جرائم البلطجة يعني التحايل على إنهاء الطواريء . الكثير من الثوار والمعتصمين والمتظاهرين حوكموا أمام القضاء العسكري بإدعاء تهم بلطجة غير صحيحة وعدد من في السجون العسكرية منهم بالألاف لابد من إنهاء كامل للطوارئ دون استثناء".
تقولون أنني متشاؤم؟ مخطئون! بل أنا متفاؤل جداً جداً! فأنا مازلت مؤمن بحديث الحبيب –صلى الله عليه وسلم- "تفاءلوا بالخير تجدوه".
فها هو مجلس الشعب قد قام، لكي يسير بالتوازي مع مظاهرات الثوار جنباً إلى جنب في سبيل تحقيق مطالب الثورة وتحرير مصر من الظالم وظلمه.
وفي هذا الصدد، لي 3 رسائل:
الرسالة الأولى لنواب مجلس الشعب، أيها النواب، أن أملنا اليوم هو في وحدتنا، فانسوا سلفيتكم وإخوانيتكم وليبراليتكم وعلمانيتكم، وتذكروا مصريتكم وفقط مصريتكم، لقد انتخبكم الملايين من شعب مصر لتحقيق أهداف الثورة والقصاص للشهداء، فلا تدعوا الفروقات تؤرقنا وتزعجنا، لا تحولوا الاختلاف إلى خلاف، فنحن كألوان قوس القزح، نكمل بعضنا البعض في سبيل صناعة أجمل الصور.
ولابد أن تضغطوا، أنتم والشارع، بأقصى ما يمكن على المجلس العسكري، حتى يعلن فتح باب الترشح للرئاسة فور نهاية انتخابات الشورى، لكي نعجل بالخلاص من هذا الكابوس، لكي نجعل مصر دولة، لا معسكر.
فأنا لا أثق في أن العسكر سيرحلون في نصف 2012، فقد قيل نفس الكلام في الاستفتاء وأخلف وعده، فما بالك بوعد غير مكتوب؟!
يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- :"آية المنافق ثلاث، إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان"، صفات كلها اجتمعت في هذا المجلس، فهل تريدون مني الثقة فيه؟
الرسالة الثانية لمن يؤيدون المجلس العسكري، بصراحة لا أستغرب منكم، فلو رأينا مواقفكم السابقة بعد خطاب المخلوع الثاني لعلمنا أنكم أول من قال "خلاص حرام عليكم الرجل هيمشي" وأول من وقف ضد الثورة، فكنتم أنتم من ستفشلون الثورة بطيبتكم وجهلكم لتاريخ هذا الفرعون وما فعله ما في إخوانكم المصريين.
فقط لدي سؤال، ما تفسيركم لهذا البطء في تحقيق القصاص ومطالب الثورة وتسليم السلطة وتطهير وزارة الداخلية وغيرها من المطالب؟
ولكنهم معذورون، فربما سمعوا شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" على أنه يقول "جيش، حربية، شرطة عسكرية"، ربما..
كثير منكم يعلم الحقيقة، لكنه يعيش تحت شعار "لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم" في سبيل استقرار زائف وأمن مدنس بالذل ورغيف خبز مصنوع بقمح مسرطن.
أما الرسالة الثالثة، فهي لكل مخلص للثورة، الميدان يناديك يا أخي ويقول "عد إلى ثكناتك"، فلبي النداء غداً رافعاً رايتك، وساهم بنفسك حتى يعلم العسكر أن مصر مازال بها الكثير من أصحاب البصيرة.
ولكن هذا لا يعني أنني مع تطور المظاهرات إلى اعتصام، أنا أؤيد وبقوة نزول الميدان لاستكمال الثورة، وللضغط على العسكر لتسليم السلطة، ولكنني ضد تطور المظاهرات إلى اعتصام، أنا ضد هذا تماماً، فالآن أصبح لدينا مجلس الشعب الموقر، الذي إن شاء الله سيجاهد ضد طغيان المجلس العسكري، وأنا أشفق عليهم بصراحة، فوضعهم الآن أشبه بوضع شخص ضعيف ضُرب من بلطجي فأحضر للبلطجي أخاه كي يأخذ بثأره وحين وصلا للبلطجي هرب الضغيف وترك أخاه وحيداًّ! آه والله!
هذا ما مكنني الله من خطه بقلمي المتواضع، راجياً من المولى –عز وجل- أن تكون تلك المقالة كلمة حق خالصة لوجهه الكريم في وجه سلطان جائر.
"وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" [سورة إبراهيم:42]
بانتظاركم في ميادين التحرير.

________________
24/1/2012

وهاربي نفسي من جديد


"امشي جنب الحيط" "متتكلمش في اللي مالكش فيه" "اهتم بمستقبلك وسيبك من السياسة" "أنت مالك؟!" "متقعدش في الجامع كتير علشان متتخدش" "اطلع من الصلاة على طول علشان أمن الدولة" "أمن الدولة بياكل العيال بالليل (معلش هيّست شوية)".
تعرفون؟، كلما كان يُقال لي تلك الكلمات، وغيرها الكثير، كنت اتسائل "وهل هذا من الإسلام؟"؟!
صدقوني، هذا التساؤل كان يقطع الأحشاء بداخلي، وكلما سألته لشخص وجدته يقول "معلش علشان مستقبلك"، وكأنه سيكون لي مستقبل في ظل حكم فاسد وتعليم "بايظ" وواسطة ومحسوبية ورِشوة.
هل من الإسلام أن أسكت على ظلم حسني لا-مبارك؟ وهل من الإسلام أن أرضى برؤية توريثاً يتم بلا معارضة؟! وهل من الإسلام أن أبارك لمن يجوّع آبائي وإخواني؟ ومن جعلهم عرايا ومرضي وبلا مأوى؟
ستقولون أمن دولة، سأقول إخوان! آه والله! فهؤلاء الرجال كم منهم راحوا وعُذبوا بل وقُتلوا في طرة، كم خسروا من أصدقاء وأموال ودنيا، كله في سبيل عيون هذا الوطن، عملا بحديث سيد المجاهدين –صلى الله عليه وسلم- "خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، هؤلاء عانوا من "أنيل" أنواع الاضطهاد، مرددين قول الشاعر محمد درويش:
واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد.. واحد.. واحد.. أن نكون.. وسنكون
لذلك أقولها بأقصى أنواع الصراحة، لقد كنت أحترم الإخوان أكثر من السلفيين قبل الثورة، وبعد الثورة حين رأيت –أخيراً- تحرك السلفيين في الساحة السياسية صاروا سيان عندي، ولكن عليكم يا إخواني أن تكملوا في طريقكم وألا ترتدوا عنه أبداً.
والله، لا أعلم كيف سأقف أمام المولى –عز وجل- حين يسألني كيف لم أقاوم الفساد في العهد البائد، وكيف لم أشارك في الثورة، هل سيتوب علىّ من تلك الآثام والذنوب؟
ولكنهم أعاهدك ربي، إنني سأطبق وصية نبيك، وسأصون منحتك الرحمانية (الثورة) من السرقة والاستغلال والفشل.
سأبدأ بمقاومة الفساد الذي بداخلي، سأكون مسلماً قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادر على الكسب، سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهد للنفس، منظم للوقت، منظم للشئون، ونافع للغير.
وسأقاوم الفساد الخارجي، وسأسعى في تطبيق شريعتك، سأجاهد بالكلمة في وجه أي ظالم، وسأقف ضد أي مظلمة وضد أي شر.
إن مشكلتنا ليست في وجود الأشرار، ولكن في صمت الأخيار.
رسالةً إلى والديّ، شكراً بحق لحسن تربيتكما لي، ولكنني أعاتبكما بشدة على زرع الخوف في قلبي من خلق الله لا من خالق الخلق، ألومكما على السكوت والرضا بالظلم فقط حتى تنالا اللقمة، وأعلم أن دافعكما هو الخوف عليّ، وأنا أقدر هذا، لكنه ليس مبرراً للسكوت على الظلم.
ألم يقل نبينا –صلى الله عليه وسلم- :"إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودّع منها" ؟
ولكني لن أرتكب هذا الخطأ مرة أخرى، بل سأورث لأبنائي وبناتي صفات الأبطال، وأجعلهم يقاومون الظلم ولو كان على رقابهم ألف سيف، وكم سأكون سعيداً إذا أصبحوا أسياداً للشهداء، "سيد الشهداء حمزة، ورجلٌ قام إلى سلطانٍ جائر فنهاه فقتله".
أيها القارئ الكريم، أتبايعني على تلك الكلمات؟ أتبايعني أن تجعل حياتك لله وتثور في وجه الطغاة؟ أتبايعني على ألا تكون إمعة؟
إذا كانت إجابتك بنعم، فاستمع لأذان الفجر القائل "الصلاة خير من النوم" وانزل إلى الصلاة، لا تقل "وأنا مالي ؟" تجاه مشاكل وطنك، أصلح من نفسك وتفوق في دراستك، قل للظالم يا ظالم ولا تسكت، وفليكن لك بصيرة قبل أن يكون لك بصر.
إنه لحمل ثقيل، ومشوار طويل، أعلم، ولكن إن لم نكن نحن حاملي الهم، فمن سيحمله؟
فأنا عن نفسي، غير مستعد لأن أرى ابني يُسئل في امتحان التاريخ "لماذا فشلت ثورة 25 يناير؟"

________________
30/12/2011

الكفر بالرجولة


والله إن قلمي ليخجل من مجرد المحاولة في وصف الأحداث السابقة.
الضرب بالحجارة والرخام وأطقم الحمامات، معاملة المعتصمين كالكلاب، حرق الخيام، حرق المجمع العلمي، وفوق كل هذا، سحل الفتيات في الشارع.
وكأني أتابع أحداث البوسنة والهرسك، حين دخل الأمريكان وسحلوا فتياتها.
بل وكأني أتابع أحداث موقعة الجمل، حين أبى حزب الكنبة إلا الرضا باستقرار ونصر مزيفين، وحجبوا أعينهم عن الرؤية، فهؤلاء لا يريدون إلا الاستقرار ولو كان في قفص.
ويأتي إلينا أعضاء الحزب الكنبى العظيم، يقولون كلاماً يقشعر منه الأبدان، "ازاي بنت تعتصم لوحدها؟" "ازاي مش لابسة حاجة تحت هدومها؟" "ازاي العسكري لابس كوتشي ؟" "حد قالها تستفز العسكري؟"
"الصور ديه فوتوشوب! (مع العلم إن الفوتوشوب للصور لا المقاطع المرئية)" "حرام عليكم اقتصاد البلد!" "عاوزين تدمروا الجيش زي ما دمرتم الشرطة!"
( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (البقرة:10)
استغرب كيف يحدث هذا في بلد إذا صُفع فيه الرجل من فتاة فرد عليها ، ولو بمجرد السب، ينهال عليه المصريون بالضرب وينهالون على الفتاة بـ"الطبطبة"!
كيف رضي المصريون ببيع شرفهم مقابل استقرار مزيف، كيف رضوا بتصديق الكذبة والدخول في القفص؟، كيف رضوا بحجب أعينهم عن تلك الأحداث المؤسفة؟
يعلم الله أنني ضد الاعتصام أصلاً، ولكنني مع حرية الاعتصام، وضد فض الاعتصام بتلك الوحشية، فحين فضت أمريكا (خايف يتقال عليَّ عميل) اعتصام حركة "احتلوا وول ستريت"، لم يمسوهم بأي أذى لفظى أو جسدي، بل كانوا يشدونهم ويدفعونهم إلى الخارج، وكان المعتصمون يضحكون، وكان فض الاعتصام بسبب أيضاً وقف مصالح الدولة، ورغم ذلك لم يفكروا حتى في أي أسلوب يهين كرامة الإنسان.
أين أنتم يا أحفاد المعتصم؟! أحلقتم شواربكم ولحاكم؟ أرضيتم بالذل والفقر والظلم؟ أين شرفكم؟
والله لو كانت التي تُسحل هي علياء المهدي، لكان حراماً علينا السكوت على سحلها!
ولا ننسى طبعاً شهدائنا، الذين قُتلوا في تلك المهزلة، وتعليقي على مقتلهم هو ما قاله ابن عمر، فقد نظر ابنُ عمر يومًا إلى الكعبة، فقال: (ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك) [رواه الترمذي، (1955)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (2032)]
أنازلون التحرير أم أحالقون شواربكم ؟!

_________
22/12/2011